وإنفجرت بين مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وصولاً الى تقديم عون شكوى امام قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور بحق عثمان ورئيس قسم المباحث الجنائية الإقليمية العميد حسين صالح، أما الجرم فإخلال بالواجب الوظيفي.
ما فجّر الخلاف بين عون وعثمان، هي جلسة إستجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامه التي عقدتها عون الخميس الفائت في ملف الصيارفة الذين إستفادوا من الدولار المدعوم من مصرف لبنان لغايات واهداف غير مشروعة. قبل الجلسة، أرسلت عون إستنابة قضائية الى آمر مفرزة الضاحية الرائد علي الجفال. إستنابة طالبته فيها بمعاونتها في التحقيق مع سلامة، كل ذلك لأن مفرزة الضاحية هي التي بدأت التحقيق بهذا الملف بناء على شكوى شخصية تقدم بها قاضٍ بحق صراف رفض أن يحوّل له دولارات مدعومة. إتصل الجفّال بالقاضية عون وأبلغها أنه لن يتمكن من معاونتها لأن رئيس قسم المباحث الجنائية الإقليمية العميد حسين صالح، إتصل به بطلب من اللواء عثمان وطلب منه عدم التجاوب مع إستنابة القاضية عون. وهنا تسأل مصادر متابعة للملف، كيف تجاوبت المديرية العامة لقوى الامن مع تحقيقات القاضية عون سابقاً وبالملف عينه بينما قررت اليوم وقف هذا التجاوب؟ وهل يحق للمدير العام التمرد كضابطة عدلية وعدم تلبية طلبات النيابة العامة؟.
أكثر ما دفع مدعي عام جبل لبنان الى تقديم بحق عثمان وصالح هو تكرار هذا التمرد، وهنا يروي المطلعون أن عثمان سبق ان تمرد على قرار عون يوم أرسل دورية من مخفر غزير وأوقف في زمن التعبئة العامة حفل زفاف ملكة جمال لبنان السابقة فاليري أبو شقرا، كل ذلك من دون إشارة من القاضية عون.
لكل ما تقدم لجأت عون الى القضاء معتبرة أن اللواء عثمان خرق مواد قانونية عدة، أكان في أصول المحاكمات الجزائية أم في قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي. في قانون أصول المحاكمات الجزائية وتحديداً في المواد 15 و41 و147 من أبرز مهام موظفي الضابطة العدلية هي مساعدة النيابة العامة، وإذا كلَف النائب العام الضابطة العدلية أي القوى الامنية ببعض الأعمال التي تدخل ضمن صلاحيته فعليها أن تتقيد بمضمون هذا التكليف، وفي حال تلكؤها عن تنفيذ المهمة تكون مسؤولة أمام القضاء.
ما قام به اللواء عثمان، يشبه كثيراً ما صرح به وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي منذ أيام عندما قال إنه لن ينفذ قرار المحقق العدلي القاضي فادي صوان إذا طلب منه توقيف رئيس الحكومة حسان دياب أو الوزراء المدعى عليهم في ملف جريمة إنفجار المرفأ. في المحصّلة، لا فهمي كان على حق بتصريحه هذا ولا عثمان على حق بقراره الأخير، ولكن هل من يضع حداً لهكذا تمرد على القوانين والقضاء يضرب ما تبقى من صورة الدولة ومن هيبة مؤسساتها؟