أكد مركز “جاينز لمراقبة الارهاب وحركات التمرد” أن “المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم يلعب دورا رئيسيا في الحفاظ على الاستقرار اللبناني وفي نجاح نشطات متعلقة بالدبلوماسية الدولية، وهو لذلك بتمتع بعلاقات ثقة وتفاهم مع قوى وحكومات على طرفي المشهد السياسي: من الولايات المتحدة واوروبا الى تركيا وصولا الى ايران وسوريا و”حزب الله”.
ولفت المركز إلى أنه “بالإجمال، يمكن بحسب تقدير سياسيين وديبلوماسيين، رصد نقطتين مهمتين، الاولى ان التزام واشنطن خلال ادارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن باستئناف العمل بالتفاهمات النووية مع ايران، سيعزز النظرة الايجابية على المستوى الدولي الى ادوار اللواء ابراهيم. وثانيا، ان ابقاء اللواء ابراهيم خارج دائرة الاستهداف بالعقوبات الاميركية، اكثر من ضرورة لمصالحها في عهد بايدن في المرحلة المقبلة”.
كما شدد على أن “ابراهيم يتمتع بقدرة الوصول الى مروحة واسعة من الجهات الفاعلة ومن ضمنهم اوروبيين ومسؤولين رسميين في السياسة الاميركية فضلا عن خصوم الولايات المتحدة الاميركية مثل ايران وسوريا و”حزب الله” في لبنان”، مشدداً على أن “ابراهيم يلعب دورا رئيسيا في الحفاظ على الاستقرار الوطني والدبلوماسية الدولية مما أدى إلى إحجام الحكومات الغربية عن فرض عقوبات على إبراهيم بسبب صلاته بـ”حزب الله”.
وأفاد المركز بأن “التطورات السياسية القائمة، بما في ذلك التزام الولايات المتحدة الاميركية باستئناف الاتفاق النووي الإيراني في ظل إدارة بايدن، ستعزز قيمة إبراهيم في نظر المجتمع الدولي”. وشدد على أن “ابراهيم يتربع في دائرة هي عبارة عن حلقة وصل غير مألوفة تجعله على تماس سياسي مع المسؤولين السياسيين الأوروبيين والأميركيين، بالإضافة إلى خصوم الولايات المتحدة الإقليميين: إيران وسوريا و”حزب الله” في داخل لبنان. عززت استقلالية اللواء إبراهيم السياسية وعقده الصفقات الإقليمية التي تحظى باحترام واسع مكانته كإحدى الشخصيات الرسمية الاكثر نفوذا في لبنان”.
وأوضح المركز أن “اللواء ابراهيم بصفته مديرا عاما للأمن العام يشرف على إدارة حدود لبنان ووثائق الهوية للأجانب واللبنانيين. منذ توليه منصبه في العام 2011، وسّع ابراهيم النفوذ الدبلوماسي والاستخباراتي والأمني لهذا المنصب وهو يشارك بشكل روتيني في الاستحقاقات الدولية الرفيعة المستوى. في تشرين الاول تشرين الأول الماضي -على سبيل المثال- التقى إبراهيم بمستشار الأمن القومي الاميركي روبرت أوبراين وسواه من مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى في واشنطن”.
وفي سياق متصل، أكد المركز أن “تأثير إبراهيم يتقاطع مع نفوذ شخصيات قوية في لبنان بمن فيهم قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون. في بلد يتسم بالتقلبات السياسية والانهيار الاقتصادي، يعمل إبراهيم أيضا كواحد من صلات الوصل الفعالة الوحيدة للحكومة اللبنانية مع الحكومات الوطنية الأخرى”.
ونوه بأن “ابراهيم يحافظ على وحدة الموقع، لذا ليس من أحد مستعجل لضربه بالعقوبات بسبب بعض الاتصالات مع “حزب الله”، إن تجنب العقوبات ليس ذي مغزى فحسب، بل إنه وبكل صراحة مفيد جدا للسياسة الخارجية الاميركية، يقول مسؤول أمني أميركي عمل في ادارة باراك اوباما، وطلب عدم ذكر اسمه نظرا لدور عتيد سيلعبه في ادارة الرئيس المنتخب جو بايدن”.
وأشار إلى أن “المسؤول السابق كان يشير إلى مشروع قانون في الكونغرس الأميركي لفرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين يعملون في حكومة يشارك فيها “حزب الله”. ولفت، نقلاً عن محلل سياسي لبناني، إلى أن “ابراهيم، وهو مسلم شيعي من جنوب لبنان، يعتبر مقربا من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ينظر اليه على انه قناة اتصال راسخة بين الغرب وقيادة “حزب الله”، هو اسهم بشكل اساسي في تشكيل الحكومة الحالية مع برّي. كانوا يتنقلون بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف حاليا سعد الحريري، و”حزب الله” وبقية الافرقاء”.
وأكد المركز أن “عباس قدم وعودا امنية لكل فريق على غرار أن “حزب الله” لن يستهدف رجال الحريري، والحكومة لن تقوم بإزاحة اشخاص لا يثق بهم “حزب الله” في المراكز الامنية. كان عليهم فعل ذلك في ظلّ كلّ حكومة”. ووفقاً لستة خبراء ومسؤولين سابقين استشارهم “جاينز”، أكدوا أن “فرض أي عقوبات على إبراهيم سيكون أمرا غير حكيم. إن امتداد شبكات عباس وتأثيره على الاستقرار يعنيان بأن الحكومات الغربية قد استفادت من مقاربة اكثر تعاونا مع ابراهيم”.
ونقل المركز عن مسؤول استخباري اوروبي ربطته علاقات وثيقة مع ابراهيم لعقد من الزمن، “هل لديك مواطنا مفقودا في سوريا وتريد أن تسأل النظام عنه؟ تكلّم مع عبّاس. هل تحتاج لنقل كيس من النقود الى سوريا لدفعها لأحد قام بخطف مواطنك؟ (هذا يتوقف على مكان وجوده في سوريا)… عليك الاتصال بعبّاس. هل لدى “حزب الله” مجموعة من عناصره مفقودين في خارج حلب ويريد من الاتراك العثور عليهم؟ إنهم يتصلون بعبّاس. إن الاشخاص الوحيدين الذين لا يتصلون بعباس هم الاسرائيليين وربما ينبغي عليهم القيام بذلك”.
بموازاة ذلك، أفاد المركز بأن “قبل تولي ابراهيم منصب مدير الأمن العام في العام 2011، تدرّج قدما في رتب الجيش اللبناني، حيث خدم في عمليات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، ووسّع تأثيره الدولي مع مرور الوقت. كان عباس أحد رجال برّي، لكنّه ترعرع في الحرب الاهلية في صفوف الجيش وفي مكافحة الارهاب وبقي دوما وفيا للجيش”.
ولفت المركز، نقلاً عن جنرال متقاعد وصديق مقرّب من ابراهيم. إلى أن “اللواء انخرط في صفوف الجيش اللبناني في العام 1980، وبحلول اواسط الثمانينينات تولى سلسلة من عمليات مكافحة الارهاب. وبعد ان تولى قيادة الاشراف على التفاصيل الأمنية التي كانت تحمي مندوبي جامعة الدول العربية خلال زيارة قاموا بها إلى بيروت في العام 1987، قاد إبراهيم التفاصيل الأمنية لعدد من المسؤولين اللبنانيين النافذين ومن ضمنهم الرئيس الياس الهراوي ورئيس الوزراء رفيق الحريري. بعد انتهاء الحرب الأهلية، تابع إبراهيم تدريبات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة”.
وشدد على أنه “”في نهاية الحرب الأهلية، كان ابراهيم ضابطًا شابًا ونجمًا. كان شيعيا وبقي مواليا للدولة وللجيش ومنفتحا على الدبلوماسيين والسياسيين. لقد تعلم اللغة الإنجليزية بشكل ممتاز وخلال تلك الحقبة أراد الجميع مساعدة لبنان… وكان للضباط ذوي العلاقات النافذة فرصا جيدة للدراسة في الولايات المتحدة الاميركية واوروبا”.
وفي ظل الاحتلال السوري (1976-2005)، أفاد بأنه “تمّت ترقية إبراهيم في صفوف وحدات مكافحة الإرهاب والاستخبارات التابعة للجيش اللبناني والتي غالبا ما كانت تنفّذ عمليات صغيرة لم تحظ باهتمام خارج لبنان”. وأوضح أن “طرابلس والبقاع وصيدا… طالما كانت هنالك عمليات دائمة ضد محازبين اسلاميين وعدد من الميليشيات التي لم تنزع سلاحها بعد الحرب الأهلية. أصيب ابراهيم مرتين في هذه العمليات. “هو رجل قوي الشكيمة وذي بأس” كما يقول الجنرال المتقاعد. “هو ساعد ايضا في إجلاء معسكر حزب العمال الكردستاني (بارتييا كركرين كردستان) من البقاع، مما منحه خبرة في التفاوض بين السوريين والأتراك”.
ولفت المركز إلى أنه “بعد اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري في العام 2005، تولى إبراهيم أقوى دور قد يمنح لمسلم شيعي في الجيش اللبناني الذي يهيمن عليه المسيحيون: رئيس المخابرات العسكرية لجنوب لبنان. كان المكتب المختص يقع في قاعدة عسكرية على بعد بضع مئات من الأمتار من عين الحلوة”، وكان مسؤولا عن توفير الحماية لمخيمات اللاجئين والسيطرة على الحدود مع إسرائيل والاضطلاع بالاتصال العسكري، وبالتنسيق مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) ومع “حزب الله”.
وأضاف، “يتحكم هذا المكتب في الوصول الى جنوب لبنان والى المخيمات الفلسطينية، ويترتب عليه التنسيق بين “اليونيفيل” و”حزب الله”. ووفقاً للجنرال، تمّ تعيين ابراهيم في هذا المركز لأنه كان ذي موهبة ويحظى باحترام كبير، نعم، ولكن أيضا لأن “حزب الله” قرر أنه يمكنه الوثوق به”.
أما مسؤول المخابرات الاوروبية فقد أكد أن “تعزيز دور قوات “اليونيفيل” بعد حرب العام 2006 مع اسرائيل، أدى الى المزيد من ارتقاء ابراهيم، وهذا ما دفع به ايضا التحقيق الدولي في اغتيال الحريري”، وأفاد بأنه التقى “به أولاً وهو يتصدى لعمليات انتشار “اليونيفيل”، وكان حادا للغاية وجديرا للغاية ودقيقا. بدأ ضباط حلف شمالي الاطلسي وسفاراته يلاحظونه كشخص جاد يمكنهم التعامل معه، واستمر ذلك مع تقدّم التحقيق في قضية الحريري”.
بالتوازي، أعرب محقق في المحكمة الخاصة بلبنان عن حبه الكبير لابراهيم، “إنه رجل عنيد لكنه حادّ الذكاء، ولقد كان يتعامل معنا دوما بصدق. ومن الواضح بأن المسؤول الامني في “حزب الله” وفيق صفا كان يمنحه الثقة للعب دور مستقيم في قضية الحريري”.
وعن الآفاق المستقبلية، قال المركز إن “قيمة ابراهيم تستمر باكتساب اهمية بالنسبة الى المجتمع الدولي في ضوء التطورات الجيوسياسية المتواصلة. التزمت إدارة بايدن القادمة بالدبلوماسية المتعددة الأطراف وباستئناف الاتفاق النووي الإيراني. يواجه كل من لبنان وسوريا انهيارا اقتصاديا وشيكا، بينما تواصل إسرائيل مهاجمة “حزب الله” والمواقع والمسؤولين الايرانيين في أنحاء المنطقة كلها. كل ذلك يجعل من ابراهيم شخصية لا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة الى المجتمع الدولي”.
في الوقت نفسه، أشار المركز، نقلاً عن مسؤول المخابرات الأوروبي أن “هنالك احتمال قوي بأن يتسامح إبراهيم مع حملات القمع العنيفة ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة في لبنان. يمتلك إبراهيم خطا سلطويا، وقد أظهر استعدادا لترحيل المعارضين السوريين ويعرف بأن سلطته تعتمد جزئيا على قبول “حزب الله”. إنه يرى نفسه حاميا للدولة أو ما تبقًى منها”.
وتابع، “لا أعتقد بأنه سيعمد الى القيام بأي نوع من الانقلاب – فهو لا يستطيع إدارة البلد رسميا باعتباره شيعيًا على أي حال – ولكن لدي سبب مباشر للاعتقاد بأنه يعتقد بأن تدمير النظام الطائفي في هذا الوقت سينهي لبنان. سوف يدعم النظام القائم بالطبع”. وشدد على أنه “على الرغم من بعض الميول المتسلطة، يتمتع إبراهيم بما يكفي من المهارة كمؤثر فاعل لإبعاد نفسه من العنف السياسي وللحفاظ على علاقاته الدبلوماسية مع الغرب”.
وأوضح المركز، نقلاً عن المسؤول الأوروبي، أن “ابراهيم يعلم أن سلطته هي محطّ ثقة وتتعالى عن النّزاعات، وهو ما يجب أن يكرهه عون لأن ذلك من المفترض أن يكون من مهمة الرئيس. لن يضطر إلى إرسال رجاله لسحق أي متظاهرين… فالجميع يحتاجونه كلّ لغرض معيّن… لذا أشكّ بأن تقع عليه أية لائمة دولية في أي وقت”.