كان شرفاً بالنسبة إليّ أن أمثّل فرنسا لمناسبة توقيع هذا الاتفاق التاريخي حول ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان. أودّ أن أحيّي وساطة الولايات المتحدة الأميركية. ويسرّني أنّ فرنسا، بفضل الإنخراط المباشر لرئيس الجمهورية في المقام الأول، قد ساهمت في هذا النجاح. تثني فرنسا على إلتزام المسؤولين اللبنانيين والإسرائيليين الذين تمكّنوا من تجاوز العديد من العقبات من أجل التوصّل إلى هذا التقدّم الحاسم. ويسعدنا أن تكون شركة فرنسية، أي “توتال إنرجي”، مدعوّة للعب دور هام في وضع هذا الاتفاق موضع التنفيذ.
إنه إتفاق تاريخي وخطوة كبيرة نحو الأمام من أجل إستقرار المشرق، وهذه مسألة بالغة الأهمية بالنسبة إلى كافة بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط، بما فيها فرنسا، ومن أجل أمن إسرائيل ولبنان، هاتين الدولتين الصديقتين لفرنسا. وهو، إذ يسمح بإستثمار الموارد الغازيّة البحرية، سوف يساهم أيضاً في الإزدهار لصالح الشعبين اللبناني والإسرائيلي.
غير أنّ هذا الإتفاق لا يضع حدّاً للأزمة التي تعصف بشدّة بلبنان اليوم، فإستثمار الموارد النفطيّة على المدى المتوسط، علماً أنّ حجمها غير معروف اليوم، لا يكفي لمعالجة هذه الأزمة. وهذا الإتفاق لا يحلّ محلّ الإصلاحات الإقتصادية والمالية الضرورية جداً ولا الاستقرار المؤسساتي الذي يتطلّبه الوضع اللبناني.
يبقى، على الرغم من ذلك، أنّ هذا الاتفاق يشكّل مثالاً يُحتذى في منطقةٍ غالباً ما تمّ فيها تفضيل خيار اللجوء إلى النار والدم لتصفية الخلافات. وهو يثبت أن الحوار والتفاوض، على الرغم من متطلّباتهما وصعوبتهما، يستطيعان أن يؤتيا ثماراً ويُنتجا إتفاقات تعود بالفائدة على الطرفين.
في هذا الطريق الصعب ولكن الضروريّ جدّاً للإقتراب من السلام في الشرق الأوسط الذي يبقى أفقاً لعمل فرنسا الديبلوماسي وعمل شركائها، تبقى فرنسا على إلتزامها. ونحن نتمنّى، مع ما يحمل هذا التمنّي من أمل وَوعي، أن يساعد الاتفاق الموقّع اليوم على تجاوز الأزمات، في لبنان والمنطقة.