تبدي ريما وهي أم لطفلتين خشيتها من عدم انطلاق العام الدراسي كما يجب، تبحث في المكتبات عن الكتب المطلوبة، تنهي الاستعدادات لتحضير إبنتيها للدخول إلى المدرسة، وبنفس الوقت يساورها القلق حول عدم امكانية إفتتاح العام الدراسي، في ظلّ الكباش القائم بين المدارس والاساتذة، و”دولرة” الاقساط المدرسية والأوضاع الاقتصادية الصعبة وغيرها… تبحث في وسائل الاعلام عن خبر يطمئنها على مستقبل ومصير العام الدراسي علّها تجده!.
في الواقع، هذه عيّنة عن القلق الذي يعيشه الأهالي على مصير ومستقبل أولادهم نتيجة عدم الاستقرار في أوضاع المدارس، فمن جهة المؤسسات التربويّة تطلب الدولار إلى جانب الاقساط وتفرضه لتدفع للاساتذة والمصاريف التشغيلية، بينما وزارة التربية تؤكد على عدم قانونية أن تتضمن الأقساط جزءًا بالدولار، الاساتذة يطالبون بالعملة الخضراء وفي الوقت نفسه أسعار الكتب والقرطاسية “نار”، والأهالي الضحية!.
“سنلتزم بالقانون 515 والأقساط بالليرة اللبنانية فقط”. هذا ما يؤكده أمين عام المدارس الكاثوليكيّة الأب يوسف نصر، مشيراً في نفس الوقت إلى أننا “سنطلب من الأهالي دفع مبلغ بالدولار هو عبارة عن مساعدة اجتماعيّة، ستذهب للاساتذة والمصاريف التشغيلية للمدرسة”، لافتاًإلى أنه “سيكون هناك صندوقاً بالدولار يتغذى من الأهل ومن الجهات المانحة”.
يدرك الأب نصر جيداً أنّه لا يستطيع أن يعتبر المبلغ الذي يدفعه الأهالي بالدولار كجزء من القسط علماً أنه هكذا يصل إلى الأهالي، وعندما تسأل عن كيفيّة المساعدة الاجتماعية وما يُطلب من الأهالي كواجب عليهم أن يدفعوه مع القسط، يأتينا الجواب “إذا خيّرنا الأهالي فهل من أحد سيدفع برأيكم”؟.
إذاً، بهذا الشكل لم تعد مساعدة إجتماعية، بل هي جزء من القسط يأتي على شكل مساعدة بموجب صندوق تم انشاؤه لهذه الغاية لأن القانون 515 لا يسمح بذلك… والسؤال هنا من سيراقب “الصندوق”؟ من يشرف عليه لا سيما إذا كانت الأموال ستذهب فعلاً إلى الاساتذة والمصاريف التشغيلية، أم أنه سيصبح صندوقًا أسودَ له عدة ثقوب؟!.
يلفت الأب نصر إلى أن “هذا الصندوق يمكن أن يكون باشراف لجان الأهل في المدارس الخاصة ووزارة التربية”، مشيراًإلى أننا “عرضنا على الوزير عباس الحلبي أن نرفقه بالموازنة التي ترسل سنوياً إلى الوزارة المذكورة”.
في الوقت عينه، تؤكّد مصادر وزارة التربية، عبر “النشرة”، على “وجود تباين أو خلاف في وجهات النظر حول عملية القبض بالدولار من الأهل”، مؤكّدة أنه “يجب إيجاد حلّ لمراقبة كيف تذهب هذه الأموال،لا سيما أن الموازنة التي تتضمن الاقساطترسل إلى الوزارة، بينما هذه الاموال لا تعتبر من ضمن الاقساط وهي بالدولار، وبالتالي لا يمكن أن تدخل في موازنة المدرسة ما يعني قانوناً ليست تحت اشراف الوزارة”.
هذا بالنسبة للاقساط، أما بخصوص الكتب المدرسية، فيؤكد الأب نصر أن “الأسعار تحدّدها دور النشر مع أصحاب المكتبات”. في حين أن المدير في المكتبة الاهلية سامي أسود يشدد، عبر “النشرة”، على أنه “بالمبدأ أسعار الكتب ما قبل الاحتجاجات في تشرين الأول 2019 كانت مسعّرة بالدولار، وهذا العام حسمت وزارة الاقتصاد 24% من قيمة الكتاب بالدولار”، مضيفاً: “طبعاً ارتفعت أسعار الكتب عن العام الماضي حيث كان سعر صرف الدولار في السوق السوداء ما يقارب 17 ألف ليرة، بينما اليوم تجاوز الـ34 الف ليرة”، كاشفاً أن “أسعار الكتب المستوردة تبدأ من 40 يورو وترتفع”.
اذا، دولارات الاقساط المدرسية ستكون من خارج الموازنة، ليبقى السؤال “من سيراقب كيف ستُجبى هذه الأموال وكيف ستُصرف”؟.