نداء البطريرك الراعي ..
الحياد بنسخته اللبنانية..
فرصتنا الأخيرة!
(2) ترف الإنتظار … وبقاء الوطن !!!
بقلم: المحامي حسن شمس الدين
إن الاقتراب من الحياد بشكل عام يوجب الخوض عميقًا في مدى توفر الكثير من الظروف والشروط وتوليفها ضمن معادلات محسوبة بدقة "الصائغ"، وفي الوقت المحدد والملائم، دون أن يفوتنا ان بعضها (أي تلك الظروف والشروط) سيكون شأنًا داخليًا يخص البلد المعني ويطال منسوب الاقتناع وتوفر الإرادة الوطنية ومدى نضوج الوعي للمصالح الوطنية المشتركة واولوية مبدأ السيادة، وبعضها الآخر خارجي يخص دولاً قد تكون قريبة وقد تكون بعيدة، وفي كلتا الحالتين لا يمكن تجاهل موقعها أو تأثيراتها.
في سياق هذا المسعى التدقيقي لتبيان مدى نضوج واقعنا للتفاعل مع فكرة الحياد تبرز أهمية فكفكة اللحظة اللبنانية بأبعادها التاريخية بدءاً من يوم التأسيس إلى يومنا هذا.
ترانا لا نضيف الكثير عندما نجزم بتورط الجميع ومنذ لحظة نشوء لبنان، في خرق "مبدأ عدم الانحياز" من كل مجموعاته التي تصدرت المشهد في مرحلة من المراحل وأدت قسطها في الإمعان خرقًا، وانتجت مطالعاتها ومطولاتها التفسيرية والتبريرية بحيث لم يشهد تاريخنا الحديث لحظة انضباط أو التزام حقيقي واحد، الأمر المستمر بدون انقطاع ليومنا هذا.
دائمًا كان الحماس "للخرق" طاغيًا لإغراق الوطن بأحمال وأحلام المشاريع التي تتجاوز واقعه وطبيعته وقدراته وحدود دوره، دون أي جهد أو تنبه لحتمية غربلة الحقائق عن الأوهام، وما يزيد من خطورة ما نحن بصدده، أننا نتنطح لمراجعة جذرية لكل مرتكزات وجود لبنان وحدود دوره ووظيفته لاعتبارات ملزمة مفروضة علينا من خارجنا وتنتظر اجابتنا، وبما يتعارض مع مستويات نضوجنا وتكوّن وعينا ولحمتنا الوطنية، وفي أعلى لحظات انخراطنا بالانحياز وتسليمنا بانقساماتنا وبانقسامنا بين مروِّع ومروَّع.
إنه الأسلوب الستاليني المعهود للترويع ريثما يستخدم "السيف"، (استعارة موفقة لأحد الأقلام الرصينة)
" المتداول هو ما عرف عن استهابة ستالين الدائمة من دهاء "بيريا" وبلازمة تشكيكه الدائم بارتباطاته مع اليهود، وليقوده في نهاية كل تواصل بينهما الى تذكيره بأن "أمه يهودية" فيدرك أنه معروف لديه أصلاً وفصلاً كما يدرك المخاطر المرتبطة بذلك".
ولأن التلويح بالقدرات يغني عن استخدامها ويأسر المروَّع في قفص المروِّع وهو ما ترسخ كأسلوب في لبنان وعلى امتداد عقوده، وكان في صميم الحياة السياسية في رحلة السعي للفوز بالمناصب وامتلاكها، ولدى حضور (القبضة الناعمة) يفهم أن هنالك قرارًا متخذًا ويُمنع الاعتراض عليه (ولو بالقوة)، وإن مفاعيل كل قرار غير مقبول به ستلغي كل مضامينه ولو استدعى الأمر خروجًا فيه عن المألوف وتعطيل النصوص والأصول والأعراف.
لبنان يُهزم بـ " فائض انتصارات "!
في لبنان كان هناك دائمًا من يمتلك السيف المسنون، وان كانت النسخة الأخيرة السائدة تتقدم بقساوة قبضتها على سابقاتها بأشواط، ولا تفهم في دعوة البطريرك للحياد -وفي هذا الوقت بالذات -سوى دعوة واضحة من سيد بكركي لرفع الغطاء المسيحي عن حزب الله والدعوة للانخراط بوجهه.
والبطريرك الراعي من الألبّاء ولا ينقصه القدرة على فهم الإشارة. وينقل عنه معرفته بقساوة المهمة واستحالتها كما إغلاقاتها، كما بمدى المامه العميق والدقيق بالإرث المليء ببواطن الاعتراضات والافتراقات المتعددة المنابع والاغراض. ولا يفوته مخاطر ما هو بصدده من مراجعة قد تكون جذرية لكل مسارات السلوك وبهدف إعادة الاعتبار لكل مرتكزات وجود لبنان وحدود دوره ووظيفته وطبيعته، وأيضًا مخاطر التعقيدات العميقة والمتجذرة والتي رافقت لبنان بالممارسة منذ يومه الأول وبقيت عصية على المعالجة.
إلا أن الاعتقاد بأن ما دفع البطريرك الراعي لإطلاق ندائه عن "حياد لبنان وفك أسر الشرعية اللبنانية وقيودها وأن لبنان يلتزم بالعدالة والسلام والانفتاح على جميع الدول ما عدا إسرائيل، كما يلتزم بتعزيز حوار الأديان والحضارات والدفاع عن القضايا العربية المشتركة وبأن الحياد ليس طائفيًا ومستوردًا، بل هو استعادة لطبيعتنا وهويتنا وأن يصار الى فهم حقيقي لمفهوم الحياد واجراء حوارات فكرية وعلمية حوله"..هو استناده الى خلاصات ، وفي المقدمة منها حقيقة أن لبنان لم يعد يحتمل أن تكون خيارات أي مجموعة من جماعاته أكبر من خيارات البلد، كما استمرار الحروب بالوكالة وتحويل لبنان إلى مكتب اسناد لحروب الغير ، وإن احتكار حزب الله للمقاومة يجب أن ينتهي من خلال ما سمي بالاستراتيجية الدفاعية، كما أن لبنان لم يعد يحتمل ترف التريث في تشكيل الحكومات أو لأن هناك من ينتظر اتضاح العلاقات بين واشنطن وطهران وربما ليس قبل أن يقدّم بايدن ضمانات حول "فتى الجمهورية" الذي عوقب في عهد سلفه.
إن المجاهرة بالحقائق هي نوع من الدعوة إلى التعقل والواقعية ودعوة إلى التعامل مع الوقائع بعيدًا عن أوهام المقامرة بالمصير، وكأننا هنا نستلهم وصفة العقل بقول الإمام علي " رحم الله امرئ عرف حدّه فوقف عنده" استباقًا لدفوعات السقوف العالية، لأن هناك بالمقابل سقوفًا لدى البعض أعلى بكثير وتنطوي على رغبة بالطلاق مع حزب الله وكل من يبصم على سياساته ودوره، انطلاقًا من حقيقة أن لبنان يدفع فعلاً اليوم ثمن ممارسات التدخل في شؤون دول أخرى والقيام بأدوار تسليح وتدريب تتعلق بخرائطها، وأيضًا ان لبنان يهزم اليوم ويعاني بسبب فائض "انتصارات" مجموعة منه خارجيًا وبأنه سيأتي اليوم الذي لم يعد فيه للبنانيين مكان إذا انهار لبنان.
إذا كان ما يتعرض له لبنان اليوم من حصار مطبق قوامه العزلة أو الحظر والاشتراطات والمقاطعة والتجاهل والعقوبات من المجتمعين الدولي والعربي، وكل ذلك يتم تحت عنوان بأن حكومات لبنان قد أضحت حكومات حزب الله وأن لبنان قد سقط بالكامل تحت سيطرة حزب الله وأصبح بقياس العلاقات بين الدول محسوبًا بخانته، فإن السؤال الذي يطرح نفسه والحالة هذه عن مصلحة حزب الله من انهيار لبنان وتلاشيه إن لم نقل اندثاره؟
وإذا كان لحزب الله مخططاته لإخراج لبنان من مأزقه ولديه رهاناته لكسب نتيجة الكباش الأميركي-الإيراني، وعلى فرض تيقنه من النتيجة فهل يكون من المنطق ان تغيب عن حساباته السبل التي قد تمكن لبنان من البقاء لذلك الوقت؟
من كل ذلك، تبرز الحكمة في ملاقاة البطريرك الراعي بمقاصده وهواجسه ومخاوفه والتفاعل الإيجابي معه باعتبار الملاقاة هي الترياق الوحيد اليوم لخلاص لبنان وتحديد اولوياته وانقاذه مما آلت إليه الحقائق، على الأقل على قاعدة "من اجتهد برأيه وأصاب له أجران ومن أخفق فله أجر واحد".
لا دولة قوية من دون مجتمع واعٍ!
كان المفكر الأميركي فوكوياما الأكثر حماسة للتدخل العسكري الأميركي في العراق، ليعود لاحقًا ويقدّم نقدًا ذاتيًا قاسيًا لهذه الحماسة ويقول:
"ان استعمال القوة لا يمكن أن يحقق ديموقراطية أو يبني دولة ويقول بأن بناء الدولة يبدأ عندما يستطيع المجتمع توليد طلب محلي ملحّ على المؤسسات، ثمّ يوحدها بالكامل. وأنه في بناء الدولة هناك دور كبير يقع على كاهل المجتمعات بحيث أنه من الصعب خلق دولة قوية من غير وجود مجتمع واعٍ بذاته مدرك إمكانياته وقوته وقدرته على التطور لتحقيق التنمية والتقدم، وتحفيز الابداع. هذا ما يتطلب عملية اصلاح وتحديث شاملة تبدأ بإعمال العقل والارتكاز على الوسائل الحديثة، وتؤسس لدول فاعلة وقادرة على مواجهة كافة التحديات، بتحصين المجتمعات من المسارات التي تبعدها عن تحقيق التنمية أو تتيح التدخلات الخارجية
وليقول أيضًا في إحدى مقابلاته الصحفية:
"تظل الديموقراطيات على قيد الحياة وتنجح عندما يكون الناس على استعداد للقتال من أجل سيادة القانون وحقوق الانسان والمساءلة السياسية، ولن يتحقق الحكم الديموقراطي واقتصاد السوق إلاّ من خلال التكامل بين المؤسسات والأحزاب السياسية وأجهزة القضاء وحقوق الملكية والهوية الوطنية المشتركة وهي الأشياء التي تطورت في الديموقراطيات المتقدمة عبر عقود عديدة وحتى قرون."
ان مشكلة لبنان اليوم، هي مشكلة سياسية بالدرجة الأولى، أما المشكلة الاقتصادية المالية فنتيجة للمشكلة السياسية التي عرّضته لعقوبات وتدابير أثرت سلباً على الدورة الاقتصادية والمالية وجعلته يدفع كلفة حروب متتالية وتوترات على مدى العقود الثلاثة الماضية.
من هنا فإنه من المستحيل مقاربة الحلول من زوايا تقنية وقانونية ومالية ما لم يسبقها قرار واضح وصريح بمعالجة سياسية سيادية تعيد تأمين ظروف الاستقرار السياسي والأمني الداخلي وتعيد ربط لبنان سياسياً واقتصادياً بالدول العربية والعالم ، وترفع عن لبنان العقوبات والضغوط والتدابير الاستثنائية التي اتخذها المجتمعان العربي والدولي نتيجة لسياسات الدولة اللبنانية التي تلقى تحفظات واعتراضات خارجية واضحة في أساسها ومفاعيلها وانعكاساتها، بالتلازم مع رسم وتطبيق السياسات في مجالات الاستقرار الاجتماعي والاسكان وتأمين فرص العمل والظروف المطلوبة لدورة اقتصادية طبيعية ومستدامة .
لقد دخل الوطن في نفق الانهيار الطويل وتقلصت أوراق اللعب لديه ان لم نقل انها نفدت، كما القدرة على المناورة ونضبت معها حيلة أهل السلطة لاستنباط الحلول ودخلنا مرحلة العجز السياسي الكلي وأكمل الطوق خناقه على رقابنا، وحتى منافذ الهروب تكاد تكون مغلقة بالكامل، وأضحت معضلة لبنان عصية على الحل بعمقها وبتداخلها مع اضطرابات المنطقة وحروبها.
على أبواب جهنم!
ان لبنان الوطن والكيان يعيش لحظة القرارات المصيرية لمواجهة تحديات البقاء والافلات من الدرك الذي وصلنا اليه، وهي حكماً ليست اللحظة الملائمة للخوض في الدعوات لإعادة النظر باتفاق الطائف او الدعوة الى مؤتمر تأسيسي او الدعوة الى "الفيدرالية" أول الغاء كل النظام الطائفي القائم وتحقيق مساواة كاملة بين اللبنانيين عن طريق انتاج قوانين مدنية وعلمانية دامغة (على أهمية هذا وصوابيته)، او الدعوة لنشوء الجبهات السياسية باصطفافاتها العمودية، أو في تبديل نموذجنا الاقتصادي او المضي في خيارات المحاور وحساباتها والمراهنة على امتداداتها وبعناوينها المعلنة (الممانعة) أو بتلك المستورة (تحالف الأقليات) أو استبدال الخيارات الكبرى بإنكار الواقع والانحراف نحو شبق المراكز والنفوذ.
إن الاعتقاد بهذه الدعوات او الخيارات (بظروف البلد الحالية) سبيلاً لمغادرة مأزقنا يكاد يكون أقرب الى الوهم طالما:
ان قناعة اللبنانيين قد بدأت تترسخ بـ " لا قدرتهم " على حكم أنفسهم.
ان هناك اصراراً لدى بعض اللبنانيين على القيام بأدوار تفوق قدرات بلادهم، ما جعل من سحب الورقة اللبنانية من الجاذبية الاقليمية عملية معقدة وتفوق قدرة الداخل على ان يقوم بها وحده.
ان لبنان قد لامس أبواب جهنم ويسير بسرعة قياسية الى ما بعدها تفلتاً أمنياً متدحرجاً واضطراباً اجتماعياً وتحللاً لمؤسسات الدولة وسيغرق ببحر من الفوضى.
ان هناك من يعتقد بالتوظيف بالاندفاع أكثر نحو الفوضى الشاملة وعن سابق تصور وتصميم ظناً منه ان مكاسبه لن تتحقق سوى عبر هذا المسار.
ان الآليات الدستورية لم يعد بإمكانها انتاج السلطة، في ظل اقترابنا من حالة "الـ لا دولة" وربما أننا قد نتجاوز حالة الدولة المارقة والدولة الفاشلة بأشواط.
ان ما يحدد مسار الأوضاع ليس المعارك السياسية (داخل الدولة) وابتداع الطروحات غير القابلة للتحقق وانما موازين القوى وبخاصة بشقها العسكري الداخلي والخارجي الواضح اليوم برجحانه بحكم الأمر الواقع.
ان لبنان يغرق في ورطة سياسية واقتصادية ولن يكون هناك استقامة لبناء الدولة ما لم يدرك الجميع ان الأزمة ليست أزمة دستور ولا أزمة نظام، انما هي أزمة ادارة نظام ودستور وامتثال لقرارات الشرعية الدولية.
ايضا وفي اطار العصف الذهني بحثاً عن الخلاص من واقعنا المأزوم وامام تراكم التعقيدات وانحسار السبل وانغلاق الآفاق ، هناك دعوات تتردد بين الحين والآخر وتصدر عن قوى وشخصيات سياسية وفكرية واعلامية بأغلبيتها الساحقة من خارج بيئة " حزب الله" وأيضا من قلة نادرة من داخل فلكه ، تدعو الحزب للإقدام الطوعي على خطوات تراجعية معينة رأفة بلبنان واللبنانيين ، بدءاً من القبول بعدم المشاركة او التمثل في الحكومات ووقف المهام خارج الحدود والعودة الى الداخل اللبناني، بالتلازم مع اعلان فك الارتباط مع مرجعيات الخارج ولإعطاء الأولوية لكل ما له علاقة بالمصلحة اللبنانية .. أي " اللبننة “.
ولكن يبقى ان ما تعلمناه من تاريخ الشعوب هو ندرة مغادرة المجموعات لخياراتها القاسية بشكل ذاتي وطوعي وبالاستناد الى آليات النضوج في الوعي والاقتناع، وليبقى لأصحاب تلك الدعوات المفعمة بالمنطق والحرص مديد الانتظار لتحقق تلك الدعوات والتي يمكن أن تصبح غير ذي موضوع بعد نفاذ الوقت والوقوع في المحظور.
وهنا نستحضر مجددا قول فوكوياما!
"عند ملاحظة الاتجاهات التاريخية الواسعة، من المهم ألا نتحمس كثيرًا للتطورات ذات المدى القصير، حيث أن العلامات الفارقة في أي نظام سياسي دائم تتمثل في مدى استدامته على المدى الطويل، وليس في أدائه في أي فترة زمنية معينة."
ان البطريرك الراعي ومن خلال ندائه لحياد لبنان، والذي عاد وفي إطار سعيه لمزيد من الايضاح لوصفه " بالحياد الايجابي" كان قد أقدم على خطوة مسكونة بهاجس البحث عن نافذة نجاة، وليبقى للبنانيين وطن، خطوة في جوهرها تصدٍ شجاع لمهمة البحث في السبل لفك الطوق وكمن يحاول تحريك المياه الراكدة، رغم معرفته الدقيقة بتشتت وعينا المشترك وارتفاع منسوب الاختلاف لدى مجموعاتنا والنزيف في نقاط اللقاء والاجتماع عندنا، وبما نعتقده استحالات وبقساوة المنتظر من سهام واعتراضات.
انه وفي هذه اللحظة يتظلل بالدور التاريخي والمعهود لـ "بكركي " الضنينة ببقاء لبنان وحمايته يوم انحرف واقعنا بمناخاته وحقائقه وخروقاته بمسافات عن ثوابتنا التأسيسية.
ولنطلق التحذيرات الشديدة من خطر غياب الارادة الوطنية الجامعة ومن تعطل الدينامية المسؤولة والقادرة على مواجهة تحديات اللحظة الراهنة حيث نمضي بسرعة قياسية نحو سقوط الدولة بكل ما تمثل من خصوصية وقيم دستورية ونظام شراكة وطنية وبوتيرة أسرع نحو الدولة الفاشلة والـ لا دولة استدلالاً بالقول بأن شعبنا يحتضر والدولة ضمير ميت.
ان الوقت ينفد ويضيق امام فرصة تحفيز الارادة الوطنية الداخلية لتلقف مهمة تثبيت لبنان في اطره الدستورية (من خلال التمسك بتطبيق الدستور) التي ترتكز على وحدة الكيان ونظام الحياد وتوفر الضمانات الدائمة للوجود اللبناني وتمنع التعدي عليه وتضع حداً لتعددية السلاح.
إن التغيير المطلوب هو في سلوك المتحكمين (وليس تغييرا في النظام)، علماً أن ظروف البلاد لا تسمح حتى بأي نوع من انواع تعديل الدستور ولو كانت تلك التعديلات ضرورية كتلك التي يستغلها البعض للتعطيل.
ليس امام المتحكمين متسع من الوقت لإظهار الرغبة بتغيير السلوك وانجاز التشكيل الفوري لحكومة توقف الانهيارات وتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية المعجل منها والمؤجل والا …
فان مدى الجدوى من هذه "الفرصة " سيندثر في قابل الأيام، يوم لن يعود لدينا دولة او كيان .. يوم سيكون لإرادتنا الوطنية الداخلية شركاء في رعاية المصير. اي بعد فوات الأوان.
إن تجارب الحياة تعلمنا بان من يتهيأ للمسير الطويل يخفف من احماله.
ولنذكر بأن من أوقف الحروب الدينية في أوروبا هو التعب من الموت والدمار. ولقد تم الانتظار لما يتجاوز السبعين عاماً بعد انتهاء تلك الحروب ليبدأ تكون الوعي والاقتناع بعبثيتها.
ولنذكر بأن ما نساجل به اليوم قد يصبح في غدنا القريب أقصى أمنياتنا.
هل فات المتحكمين أن المناداة بالانتداب لدينا قد بدأت تتحول مطلبًا شعبيًا؟!
وهل ما زال هناك من يعتقد بأننا نملك فائض الوقت وترف الانتظار والرهان على الأوهام؟!!
"إنه الوقت يا عزيزي"! .