حذرت الأمم المتحدة اليوم من أن التأثير الاجتماعي والاقتصادي المدمر لوباء كوفيد-19 سيظل محسوسًا لسنوات قادمة ما لم تحقق الاستثمارات الذكية في القدرة على الصمود الاقتصادي والمجتمعي والمناخي انتعاشًا قويًا ومستدامًا للاقتصاد العالمي.
في عام 2020، انكمش الاقتصاد العالمي بنسبة 4.3 في المائة، أي أكثر بمرتين ونصف من الانكماش الذي سببته الأزمة العالمية في عام 2009. وحسب أحدث تقرير للموقع «الحالة والتوقعات الاقتصادية في العالم، فإن الانتعاش المتواضع بنسبة 4.7 في المائة المتوقع في عام 2021 بالكاد سيعوّض خسائر عام 2020.
تشير التقديرات إلى أن اقتصادات غرب آسيا، في المتوسط، قد تقلصت بنسبة 4.8 في المائة في عام 2020. وكما يحذر التقرير، من المتوقع حدوث انتعاش بطيء بنمو يبلغ 3.8 في المائة في 2021، لكن الانتعاش الاقتصادي في المنطقة سيعتمد على الطلب العالمي على الطاقة، والسياحة الدولية، ومدى انتعاش الطلب المحلي، على خلفية تدابير الدعم المالي. ومع الأسف، يُتوقع أن يتعافى الطلب العالمي على الطاقة والسياحة الدولية ببطء، وألا يعود إلى مستويات ما قبل الأزمة إلا بعد عام 2022.
صرّح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قائلا: "إننا نواجه أسوأ أزمة صحية واقتصادية منذ 90 عامًا، وبينما نعبر عن حزننا إزاء تزايد عدد القتلى، يجب أن نتذكر بأن الخيارات التي نتخذها الآن ستحدد مستقبلنا الجماعي"، مضيفا، "لنستثمر في مستقبل شامل ومستدام تقوده السياسات الحكيمة والاستثمارات المؤثرة ونظام متعدد الأطراف قوي وفعال يضع البشر في قلب جميع الجهود الاجتماعية والاقتصادية."
ويؤكد التقرير أن التعافي المستدام من الوباء لن يتوقف فقط على حجم تدابير التحفيز والتوزيع السريع للقاحات، ولكن أيضًا على جودة وفعالية هذه التدابير لبناء القدرة على الصمود في وجه الصدمات المستقبلية.
آفاق النمو في غرب آسيا
كان تأثير الوباء أكثر حدة في قطاع السياحة عالي الأداء في المنطقة، مما أدى إلى إضعاف خدمات الضيافة والنقل وتجارة الجملة والتجزئة بشكل ملحوظ. كما عانى قطاع الطاقة، وهو المحرك الرئيسي للنمو والإيرادات الحكومية في المنطقة، من تقلصات كبيرة. وامتثالاً لحصة إنتاج النفط الخام التي تحددها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، خفض أكبر مصدري النفط في المنطقة إنتاج النفط الخام بشكل كبير.
ومن المتوقع أن يتعافى الطلب المحلي إذا تمت السيطرة على الوباء بسرعة. ومع ذلك، من المتوقع أن يظل إجمالي الطلب أقل من مستوى ما قبل الأزمة دون دعم مالي إضافي. ونظرًا لضعف احتمالات التحسن في الإيرادات العامة خلال عامي 2021 و2022، فمن المرجح أن تعتمد البلدان ذات الدخل المرتفع في المنطقة إلى حد كبير على تمويل الديون. لكن، من المرجح أن يجبر الوضع الحالي البلدان المتوسطة الدخل والمنخفضة الدخل في المنطقة على تقليص تدابير الدعم المالي أو إلغائها، مما قد يعيق انتعاشها الاقتصادي.
لا تزال الجمهورية العربية السورية والعراق ولبنان واليمن ودولة فلسطين تعاني من الصراعات وعدم الاستقرار السياسي والأوضاع الجيوسياسية المتوترة. وعلى الرغم من نداء المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار العالمي أثناء الوباء، فإن استمرار الأعمال العدائية جعل المنطقة أكثر عرضة للأزمات الإنسانية. ففي لبنان، سرعان ما ساءت الحالة بسبب التدهور السريع في مستويات المعيشة وتزايد الفقر.
المخاطر والتحديات السياسات
في غرب آسيا، يسبب استمرار تفشي وباء كوفيد-19، وانخفاض جديد لأسعار النفط، وتعاظم المخاطر الجيوسياسية مخاطر سلبية رئيسية. وقد تتدهور حالة العمالة المتردية بالفعل في خضم تباطؤ الانتعاش الاقتصادي.
وبما أن المواقف النقدية قد تم تخفيفها بالفعل إلى حد كبير، سيكون هناك اعتماد متزايد على تدابير السياسة المالية لتوجيه الانتعاش الاقتصادي في المنطقة. ويتطلب الوضع تعاونًا دوليًا وإقليميًا لمساعدة البلدان ذات الحيز المالي المحدود. وعلاوة على ذلك، يجب توجيه المزيد من النفقات المالية نحو خلق فرص العمل لتحقيق الاستقرار في الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتردية بشكل متزايد.