أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة جماعة في مقر المجلس والقى خطبة الجمعة وقال فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق واعز المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطاهرين وأصحابه المنتجبين والشهداء والصالحين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد، فإننا ونحن نودع عاماً مليئاً بالمصاعب والأزمات المتعددة الجوانب ونستقبل عاماً جديداً يملؤنا الأمل بالله تعالى بتخطي هذه الصعوبات وأن تتبدل هذه المأساة التي سادت هذه المرحلة الزمنية من حياة اللبنانيين إلى حالة أفضل تيمناً بهذا الميلاد المجيد للسيد المسيح عيسى بن مريم عليه أفضل الصلاة والسلام كلمة الله التي بشرت الملائكة مريم سلام الله عليها بها (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه إسمه المسيح بن مريم وجيهاً في الدنيا والأخرة ومن المقربين) .
هذه البشارة التي لم تكن بشارة لمريم فقط بأنها ستكون حاملة لكلمة الله تعالى ومعجزته إلى العالم إنما هي بشارة للعالم أجمع بأن الله تعالى قد نظر إليهم نظرة رحيمة، فخصهم بهذه الشخصية التي حباها بهذه المواصفات وأولاها هذه العناية ليوفوها قدرها ويتمسكوا بهداها لما لها من وجاهة وشأن عند الله تعالىو قرب منه سبحانه إن أرادوا القرب منه والهداية إليه. فهو الآخذ بأيديهم إلى الصواب والرشاد والمخلص لهم من أيدي مدعي القرب من أهل الدجل والشيطنة الذين يتلبسون لباس التقوى والهدى والرشاد ولكنهم في حقيقة أنفسهم من أهل الضلال المستغلين للدين وباسم الهدى والحق، وهذه الفئة كانت دائماً العدو الأساسي للأنبياء ورسالاتهم بما فيهم السيد المسيح سلام الله عليه حيث حاولوا قتله ولكن الله تعالى حفظه وادخره لآخر الزمان ليخرج مع الإمام المهدي عج وليكون حجة له على العالم ومخلصاً لهم من أعداء الحق والهدى وينشر العدل ويعم السلام العالم (وقولهم إنا قتلنا المسيح بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم)
أيها الإخوة المؤمنون، على هذا الأمل وعلى هدى أنبياء الله تعالى ورسله وبالأخص هدى سيدنا المسيح وسيدنا رسول الله وآله (ص) الذين يمثلون امتداداً وتتويجاً لهذا الخط الإلهي، نبدأ هذا العام بالتصميم والإستعداد للقيام بما يتوجب علينا كمجتمع أهلي وبما يقتضيه إيماننا وديننا وأخلاقنا من التضامن والتكامل والتعاضد لتجاوز هذه المرحلة التي يمتحن الله فيها إيماننا ومدى فعالية هذا الإيمان وأثره في سلوكنا كما جاء في قوله تعالى (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف ويَنهَون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم)
إن المؤمن هو ولي للمؤمن الآخر يقوم بما من شأنه إصلاح أمره ودفع ما يتسبب بفساد إجتماعه ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يحصن المجتمع والأمة بالقيم الإيمانية ويربطها بمصدر الخير مما يجعلها منيعة عن الإختراق بما يفسد هذا التعلق والربط فحصانتها مرتبطة بمدى عمق هذا الإرتباط بالقيم الإلهية. وبهذا نفهم ولاية المؤمنين بعضهم لبعض، فكل واحد منهم مسؤول عن هذه المهمة والعمل على تقوية هذا البنيان وسد الثغرات التي يمكن أن ينفذ منها الوهن أو الضعف. يعبّرون عن عبوديتهم ومسؤوليتهم عن ذلك بإقامة الصلاة وبمظاهر العبودية لله سبحانه وتعالى التي تعتبر الصلاة أهم هذه المظاهر وبإيتاء الزكاة الذي يعبّر عن ممارسة عملية للإيمان بالتخلي عن ما يحب (وتحبون المال حبا" جماً) وهو تعبير عملي أيضاً عن إيمانه بأن الله تعالى هو المالك الحقيقي وأنه ليس إلا عبداً أؤتمن على هذا المال ليؤديه للمستحقين فلا يبخل ولا يحرص عليه فيتخلص من البخل والحرص الذي هو نوع من الشرك لأنه نوع من التعلق بالمال، يأبى التخلي عن شيء منه وهي صفة من صفات اليهود التي استحقوا تقبيح الله تعالى لإتصافهم بها. وكانوا إذا طلب منهم الإنفاق على الفقراء أجابوا بأنهم لو استحقوا لأغناهم الله وقد إستحلوا أكل الربا قال تعالى (أم لهم نصيب من الملك فإذاً لا يؤتون الناس نقيراً) وقال تعالى (وأكلهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل) وقال تعالى (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني) تصويباً لهذه الفكرة الطاغية بين الذين كانت لديهم سعة وغنى، فأوجب ذلك انحرافهم لطغيان حب المال على أنفسهم وأثر على سلوكهم بالبخل والكبر فأراد الله تعالى تصحيح
المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى
المكتب الإعلامي
حذر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب في رسالة الجمعة اللبنانيين من الاستهتار وعدم المبالاة في اتخاذ الإجراءات الوقائية للحد من تفشي فيروس كورونا الذي تسبب بكوارث إنسانية عالمية نال لبنان نصيبا منها فيما يعاني من الازمات بما فيه الكفاية ، من هنا فإننا نؤكد ان تعريض المواطنين لخطر الإصابة بهذا الوباء محرم شرعاً، ويجب التزام التوجيهات الصحية والتدابير الحكومية ضمن خطة الاقفال العام ، ونحن اذ نوجه تحية التقدير للجسمين الطبي والتمريضي وكل العاملين في مواجهة الوباء، وننوه بجهودهم وتضحياتهم، فاننا نطالب الدولة بالإسراع في تقديم المساعدات للأسر الفقيرة وندعو المواطنين الى التضامن والتكافل الاجتماعي فيبادر الميسورون الى مساعدة الفقراء والمحتاجين فالأزمة المعيشة بلغت مرحلة صعبة تستدعي التكافل والتأزر من الجميع.
واعرب سماحته عن شجبه وادانته للفساد المستشري لدى بعض التجار الذين يحتكرون الدواء و المواد الغذائية ولاسيما المدعومة منها بغية بيعها في السوق السوداء و نطالب الجهات القضائية والأجهزة الرقابية بمحاكمة المحتكرين ولصوص السلع المدعومة التي تختفي قبل وصولها الى المستهلك، ونحن اذ نطالب المواطنين بالتعاون مع السلطات المعنية في التبليغ عن الفاسدين والمحتكرين والتشهير بهم في وسائل الاعلام ، فإننا نعتبر ان وزارة الاقتصاد مطالبة بتكثيف تعاونها وتنسيقها مع كل أجهزة الدولة لمكافحة الاحتكار والفساد.
وراى سماحته ان المواطن اللبناني يئن من تردي الأوضاع المعيشية في ظل جائحة الكورونا، وهو يطلق صرخة وجع لا تصل الى المسؤولين الذين صمت اذانهم وعمت ابصارهم عن شجون وهموم المواطنين الذين باتوا بغالبيتهم من الفقراء والمعوزين نتيجة سياسة الفساد والإهمال والرشى التي انتجت طائفة من اللصوص وناهبي المال العام على حساب افقار اللبنانيين وتجويعهم، وهنا نطالب سماحته السياسيين بالإسراع في تشكيل حكومة إنقاذيه إصلاحية قوية وقادرة تضع في أولويات عملها انقاذ لبنان من الانهيار الاقتصادي والتردي المعيشي وحفظ النقد الوطني وإستعادة الأموال المنهوبة وإعطاء اموال المودعين لأصحابها ، ولا سيما ان لبنان على شفا انهيار كبير ولا وقت للترف والدلع السياسي والتشاطر لنيل حقيبة سيادية وأخرى خدماتية ، فلبنان اشبه بسفينة توشك على الغرق واذا غرقت لا سمح الله فالجميع دون استثناء في دائرة الخطر.
وراى العلامة الخطيب ان لبنان المحاصر من الإدارة الأميركية بعقوبات جائرة كان ولايزال عصياً على الضغوط التي تريد اخضاعه للتخلي عن المقاومة وسلاحها الذي حرر ارض لبنان ودحر الارهابين الصهيوني والتكفيري ، فاننا نؤكد ان المقاومة الى جانب الجيش اللبناني كانت وما تزال مصدر عزة وكرامة لبنان ، وهي القوة التي حررت ارضه وحفظت وشعبه باعتبارها السلاح الانجع لحماية لبنان وردع العدوان واستعادة الثروات المائية والنفطية التي تتعرض للقرصنة الاسرائيلية.
ونحن اذ نستنكر بشدة التفجير الإرهابي المزدوج في بغداد الذي ارتكبته عصابات حاقدة ادمنت الاجرام بحق المدنيين الأبرياء فإننا نعزي اهلنا واخواننا في العراق بالشهداء سائلين الله عز وجل الرحمة لهم وللجرحى الشفاء العاجل، ونخص بالتعزية سماحة اية الله العظمى السيد على السيستاني والمرجعية الدينية في النجف الاشرف. ونطالب اشقاءنا العراقيين ان يتضامنوا ويتوحدوا في مواجهة الارهاب التكفيري والاحتلال الأمريكي ويعملوا لحفظ وحدة العراق واستقراره.
كما، ونكرر استنكارنا الشديد للقرار الأميركي الجائر الذي اتخذته الإدارة الامريكية السابقة الذي انتهك حرمة أحد رموز الإنسانية والمقدسات الإسلامية المتمثلة بالعتبة الرضوية المقدسة ونطالب الإدارة الأميركية الجديدة بالتراجع عن هذا القرار المنافي للقوانين والمواثيق الدولية وشرعة حقوق الانسان.
ونستنكر بشدة العدوان الإسرائيلي على سوريا الذي يستكمل حلقات العدوان على شعبها ويكشف عن نوايا إسرائيل وافعالها العدوانية وتهديدها الامن والاستقرار في المنطقة، فضلا عن استهدافها المدنيين فجر اليوم في عمل إرهابي بامتياز نضعه بتصرف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.