حذر خبير القانون الدستوري البروفيسور أحمد مبارك الخالدي، عميد كلية القانون بجامعة النجاح سابقاً، من أن عدداً من التوافقات التي تمت بين الفصائل، وكذلك عدداً من قرارات ومراسيم رئاسة السلطة بقوانين، يتعارض مع القانون الأساسي للسلطة في حالة إجراء انتخابات المجلس التشريعي على أساسها؛ ودعا إلى حلّ هذه التعارضات والإشكالات قبل الذهاب للانتخابات، حتى لا يكون ثمة مجال للطعن في شرعيتها.
وتساءل الخالدي، الذي تولى سابقاً رئاسة لجنة صياغة الدستور الفلسطيني، ووزارة العدل في حكومة السلطة العاشرة، عما إذا كان يجوز الاتفاق على إجراء انتخابات خارج نطاق القانون الأساسي تحت ذريعة التوافق. ونبه إلى أن الانتخابات إذا لم تعجب نتائجها طرفاً معيناً، فمن حقه رفع دعوى للمحكمة الدستورية، التي من حقها النظر في الطعن، والحكم بعدم دستورية الانتخابات، وبالتالي إلغاء نتائجها أو الآثار المترتبة عليها.
وفي رأيه الاستشاري الذي نشره مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، نبه الخالدي إلى تعارض القانون الأساسي المقر في 2005 مع القرار رقم واحد لرئيس السلطة بتعديله سنة 2007، حيث ينص القانون الأساسي على حقّ الفلسطينيين بالترشح أفراداً وجماعات، بينما خالف قرار رئيس السلطة القانون الأساسي بنصه على الترشح وفق القوائم فقط. كما أن القانون الأساسي ينص على أساس النظام المختلط، بحيث يكون 50% للأكثرية النسبية، و50% لنظام القوائم؛ أما التوافق الفصائلي فذهب إلى الانتخابات وفق النسبية الكاملة 100% بخلاف القانون.
كما اشترط قرار رئيس السلطة بقانون سنة 2007 على المترشح لعضوية المجلس التشريعي ولرئاسة السلطة الالتزام بما التزمت به منظمة التحرير من التزامات، وهذا يتضمن اتفاقات أوسلو وما انبنى عليها. وهو ما يناقض القانون الأساسي الذي اعتمد التعددية السياسية؛ وحرية الرأي، ووجود فصائل كبيرة وقطاعات عريضة من الشعب الفلسطيني تعارض هذه الاتفاقات والالتزامات.
ونبه الخالدي إلى إشكاليات مرتبطة بحق اختيار رئيس السلطة لرئيس الحكومة من القائمة الفائزة أم من غيرها؛ وإلى أن مرسوم رئيس السلطة بالانتخابات يشمل السلطة وصلاحياتها، لكنه لا يغطي المجلس الوطني الفلسطيني الذي يمثل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ويفترض أن يصدر بترتيب آخر عن قيادة المنظمة، وليس في مرسوم واحد مع انتخابات التشريعي ورئاسة السلطة. وأشار الخالدي إلى أن الحل الخاطئ للمجلس التشريعي أدى لعدد من الإشكاليات، ولو أن هذا المجلس ظلَّ قائماً بمسؤولياته لربما أمكن تجاوزها.
وقد عالجت ورقة الخالدي أيضاً عدة إشكاليات منها؛ الإطار الدستوري والديموقراطي لممارسات السلطة الوطنية الفلسطينية، وأولوية الاتفاق على التأسيس الوطني والقانوني والعملي للانتخابات، والفصل في الطعون الانتخابية في قطاع غزة، والضمانات الدولية لحماية الانتخابات ونتائجها، والترشيح بطريقة تتغلب على قيود الاحتلال للانتخابات ونتائجها، ومدى جدية انتخاب المجلس الوطني وهيكلة مؤسسات المنظمة، والصعوبات العملية لإجراء الانتخابات في الداخل وللمجلس الوطني وخصوصاً في ظلّ جائحة كورونا، ومدى توفر الإجراءات الجدية لإجراء انتخابات المجلس الوطني في ظلّ عدم توفر بيانات بقوائم من يحق لهم الانتخاب في مناطق انتشار الفلسطينيين في الخارج.
ودعا الخالدي إلى اتخاذ الإجراءات القانونية والعملية اللازمة لتصحيح الأوضاع الناتجة عن المخالفات الجوهرية للقانون الأساسي؛ وإلى تحقيق المصالحة وفق استراتيجية واحدة للمشروع الوطني الفلسطيني؛ والاتفاق على توحيد المؤسسات الدستورية الفلسطينية، على أسس المشاركة الحقيقية من كل قوى الشعب الفلسطيني في السلطة الوطنية، على الأسس التي تُحددها القوانين المشروعة دستورياً وديموقراطياً. كما دعا إلى تحديد الأهداف الوطنية العليا وطرق النضال لإنجازها. كما أكد الخالدي على أولوية العمل على التوافق على البرنامج الوطني، في مواجهة الاستحقاقات الداخلية وترتيب البيت الفلسطيني، وفي مواجهة التحديات الصهيونية والإقليمية والدولية.