تحولت تمارين القطري ناصر العطية استعداداً لرالي دكار الصحراوي من قدرة التحمل لمواجهة انخفاض كمية الأوكسجين في الارتفاعات العالية في أميركا الجنوبية، إلى إستراتيجية بناء العضلات قبل النسخة الثانية المقررة في السعودية بدءاً من الاحد المقبل (3 كانون الثاني/يناير).
بعد هجره قارة إفريقيا التي احتضنته بين 1979 و2007، أقيم أشهر رالي صحراوي في العالم على مرتفعات أميركا الجنوبية بين 2009 و2019.
هناك، توّج العطية باللقب ثلاث مرات أعوام 2011 و2015 و2019، ولم تخلُ مشاركاته من انزعاجات على ارتفاعات تجاوزت 3 آلاف متر في بيرو وبوليفيا، برغم التمارين داخل غرف تكون فيها كمية الأوكسجين قليلة في أكاديمية أسباير للتفوق الرياضي في الدوحة.
لكن مع انتقال الرالي الى السعودية في 2019 وعودة العطية إلى طبيعة خليجية يدركها جيداً، اختلفت التحضيرات بالنسبة للفرق المشاركة بسبب غياب عامل الارتفاع عن سطح البحر. لم يعد من الضروري أن تعتمد التمارين بشكل أساسي على قدرة التحمل على انخفاض كمية الأوكسجين على ارتفاعات عالية.
عبءٌ استبدله ابن الخمسين عاماً ببناء كتلة عضلية تمنحه تفوقاً على البطلين الخمسينيين الاسباني كارلوس ساينز (58عاما) المتوّج ثلاث مرات، والفرنسي ستيفان بيترهانسل (55) المتوج سبع مرات في فئة السيارات وست في الدراجات النارية.
عن استعداده لدكار المقرر بين 3 و15 كانون الثاني/يناير يقول العطية لوكالة فرانس برس "قمت باعتماد برنامج بدني مختلف عن السابق يركّز على بناء العضلات بعدما كان جسدي نحيفاً، على أن أبدأ بإزالة الدهون من جسمي من أجل تحويلها الى عضلات".
يضيف السائق المتواضع والمحبوب "نتمرن وفقاً للدول التي يزورها دكار ونتواجد فيها"، ومع انتقال الرالي إلى السعودية، يعمل السائقون الآن "على تمارين تزيد من لياقتنا البدنية وتأديتنا داخل المراحل والقدرة على التركيز وإنهاء المسافات الطويلة، فمعظم التمارين باتت تتعلق باللياقة البدنية".
ما أن انتهى رالي باخا حائل في السعودية، حتى بدأ العطية مغامرة التحضير لرالي دكار مع ملاحه الفرنسي ماتيو بوميل المشاركين ضمن فريق تويوتا أوفردرايف رايسينغ.
تابع متحدثاً عن ماهية التمارين "يعتمد البرنامج إضافة إلى ركوب الدراجة الهوائية لمسافة ما بين 100 أو 150 كيلومتراً في اليوم الواحد، على الجري وتمارين أخرى".
– تمارين متواصلة –
وكان سائق تويوتا هايلوكس أحرز الشهر الماضي لقب "باخا حائل 1" الذي شكّل الجولة الرابعة من كأس العالم للكروس كاونتري باخا، وحلّ ثانياً في "باخا 2" (الجولة الخامسة)، بعد نيله عقوبة زمنية أدت إلى تراجعه من المركز الأوّل خلف المتصدر الجديد الاسباني ساينز المتوّج بلقب دكار 2020 في السعودية.
وعند سؤاله عن الفترة التي يتمرن خلالها يومياً، يقول العطية الذي يخطط بدقة لـ"أكاديمية ناصر" الرياضية في مزرعته الشاسعة في كاتالونيا "نتمرن بشكل متواصل، ولا ننقطع عن التمارين سوى ليوم واحد في الأسبوع وفي بعض الحالات ليومين بحسب البرنامج المعتمد".
لا يتعب العطية ولا يرتاح أو يكل حتى عندما اجتاح فيروس كورونا المستجد العالم ودفعه إلى البقاء في منزله ثمانية اشهر مع عائلته.
يتابع "أملك في منزلي آلة محاكاة وصالة للرياضة تساهم في بقائي ضمن أجواء الراليات. كما أشاهد الافلام المصوّرة الخاصة بالراليات والمشاهد التي تلتقط عن طريق الكاميرات داخل سيارات الرالي".
– سوبرمان –
يصح القول ببطل الشرق الأوسط للراليات 16 مرة والذي يجيد "التراقص" على الكثبان الرملية في الراليات الصحراوية أنه "يمسك المجد من كل أطرافه".
من ينظر إلى سيرة هذا السائق والانجازات التي حققها يدرك فوراً أن لا عائق يقف أمام "سوبرمان" الرياضة الميكانيكية كما يحب أن يطلق عليه أبناء جلدته.
للعطية سجل زاخر بالانجازات: بطل الشرق الأوسط للراليات 16 مرة، الفوز بـ 75 رالي على الصعيد الإقليمي، بطل دكار 3 مرات، بطل العالم لسيارات الإنتاج مرة والـ"دبليو آر سي2" مرتين، بطل كأس العالم للراليات الصحراوية 4 مرات، بطل كأس العالم للباخا مرة…. يُضاف إليها ميدالية برونزية في الرماية في أولمبياد لندن 2012 وعشقه للفروسية.
– سائق مزّقته الوعود –
من يعود بأوراق الماضي في سيرة العطية يجد أن مسارات هذا السائق لم تكن مفروشة بالورود، بل هو سائق مزقته الوعود مذ كان شاباً نضجت فيه جينات السرعة، من ناحية عدم الحصول على التمويل الذي يكفل مشاركته على أعلى المستويات.
فضّل الابتعاد عن رياضته المفضلة والتوجه إلى حقول الرماية التي نجح فيها وتحوّل بفضلها إلى بطل عربي ومن ثم أولمبي يحلم بالذهب الأصفر بعدما حقق برونزية السكيت.
غير أن العطية الذي لا يعرف كلمة مستحيل، عاد أقوى وأسرع في العام 2003 بعد ابتعاده فترة 6 أعوام عن المراحل الخاصة للسرعة، ليبدأ مشواره الإعجازي في الشرق الأوسط وينتقل بعدها إلى العالمية في بطولات العالم ولاحقاً في دكار حيث أحرز اللقب مع 3 فرق مختلفة في 2011 و2015 و2019 هي: فولكسفاكن، ميني وتويوتا… إذ قاد المصنّع الياباني لإحراز فوزه الأول في تاريخه في أصعب الراليات الصحراوية على الإطلاق.
وكان العطية اوضح في مقابلة مع فرانس برس ان "عامل السن يمنحني أفضلية عطاء أكبر على كارلوس (ساينز، 58) وستيفان (الفرنسي بيترهانسل، 55)".
في نسخة 2020، حلّ العطية وصيفاً لساينز بفارق ست دقائق، لكنه كشف عن خيبة أمل لمحاربته لوحده سائقي ميني، ساينز وبيترهانسل "لم يساعدني أحد من فريقي تويوتا إلا (الإسباني) فرناندو ألونسو. ساعدني في مرحلة واحدة وشكرته على ذلك. قال لي +مثلما دربتني في قطر لثلاثة أيام من أجل رالي دكار، أنا سعيد أن أكون معك وأساعدك".