أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات كتاباً بعنوان "اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المرأة في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967" ويغطي الفترة 1967 وحتى 2019. وهو من تأليف الأستاذة إيمان أحمد أبو الخير.
وتكمن أهمية هذا الكتاب، الذي يقع في 192 صفحة من القطع المتوسط، في أنه يعرض الاعتداءات الإسرائيلية على المرأة في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967، خلال الفترة 1967–2019، سواء المباشرة عليها كالقتل، والإصابة بجراح، والإبعاد، والاعتقال، أم الاعتداءات غير المباشرة من خلال استهداف أسرتها، أو بيئتها المحيطة، مما يسبب لها مزيداً من المعاناة النفسية، والاجتماعية، والاقتصادية.
فقد عمد الاحتلال الإسرائيلي منذ احتلاله للأراضي العربية الفلسطينية إلى انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني، فكانت أيديولوجيته ترتكز على قتل وتهجير أكبر عدد من السكان الفلسطينيين؛ لأن سياسته احتلالية إحلالية. وكانت المرأة الفلسطينية، وما تزال، حاضرة في قلب المعاناة التي يعانيها أبناء شعبها نتيجة للاحتلال، وقد ارتكبت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضدها أبشع الجرائم من قتل وتشريد واعتقال وتعذيب في السجون الإسرائيلية، منتهكةً بذلك أبسط قواعد القانون الدولي المتعلقة بحقوق الإنسان.
وقد أسهم الحصار والإغلاق والحواجز العسكرية في زيادة معاناة المرأة الفلسطينية. فمن الناحية التعليمية؛ تعاني الطالبات إما من تجاوز نقاط التفتيش العسكرية للوصول إلى المدرسة أو الجامعة، أو من خلال إغلاق المدارس والجامعات، أو اقتحامها مسببة الأذى النفسي والجسدي لهن.
ومن الناحية الصحية، نجد عدم توفر الرعاية الصحية اللازمة للمرأة، فيُلحظ وفاة العديد من النساء، وإجهاض أخريات قرب الحواجز العسكرية؛ نتيجة تعطيل الاحتلال وصولهن إلى المشافي في الوقت المناسب. ناهيك عن الحصار القاسي المفروض على قطاع غزة، الذي أصبح سجناً كبيراً، وحرم المرأة من حقّ الحركة والتنقل، وأسهم في قطع الروابط الاجتماعية بين مدن الضفة الغربية وقطاع غزة، ومنع أفراد العائلة الواحدة من التواصل والالتقاء.
كما أدى التدهور الاقتصادي، نتيجة سياسات الحصار والإغلاق، واستهداف الاحتلال الإسرائيلي للمنازل الفلسطينية، إلى زيادة الأعباء الاجتماعية والنفسية على المرأة الفلسطينية، إذ تضطر في كثير من الأحيان لترك بيتها والبحث عن عمل، قد تُمتهن فيه كرامتها؛ من أجل توفير لقمة العيش لعائلتها، وترتفع بذلك نتيجة الضغط النفسي وتيرة المشاكل الزوجية.
وعلى سبيل المثال، فقد دأب الاحتلال الإسرائيلي منذ احتلاله لفلسطين على انتهاك الحق في الحياة لأبناء الشعب الفلسطيني كافة، ومنهم المرأة، وقد تمكنت الباحثة من توثيق أسماء 122 امرأة قتلهن الاحتلال سنة 1967. وخلال الأشهر الست الأولى من انتفاضة 1987، تعرضت 154 امرأة للإجهاض بسبب ممارسات الاحتلال التعسفية من ضرب مبرح أو غاز مسيل للدموع، وتزايد العدد بشكل كبير ليصل إلى 7,400 امرأة مع نهاية 1994، أي خلال 8 سنوات. وأسفرت عمليات الاجتياح والقصف والتدمير في عدوان 2008/2009، عن استشهاد 217 شهيدة، وجرح 830 امرأة. أما عدوان 2014 على قطاع غزة، فقد أسفر عن 510 شهيدات بنسبة 22% من مجموع شهداء العدوان، بينهن 23 حاملاً. كما بلغ عدد الجريحات خلال ذلك العدوان 3,364 جريحة، بنسبة 31.6% من العدد الإجمالي.
والكتاب هو في أصله رسالة ماجستير، يضم تمهيداً يتناول حقوق المرأة في القانون الدولي الإنساني، وأربعة فصول؛ يتناول الفصل الأول الاعتداءات الإسرائيلية المباشرة على حياة المرأة؛ ويتناول الفصل الثاني امتهان الاحتلال الإسرائيلي لكرامة المرأة الفلسطينية وتعذيبها في سجون الاحتلال؛ فيما يتناول الفصل الثالث معاناة المرأة بسبب الحصار والحواجز العسكرية الإسرائيلية؛ أما الفصل الرابع فيتطرق إلى أثر انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ضدّ العائلات الفلسطينية على المرأة.