ورشة عمل لـ”نضال لأجل الإنسان”: “لبنان يقف عند نظرية الإقتصاص من الجاني بدلإصلاحه

ورشة عمل لـ "نضال لأجل الإنسان": "لبنان يقف عند نظرية الإقتصاص من الجاني بدل إصلاحه

 

مع تفشي فيروس كورونا داخل السجون، وازدياد أعداد المصابين في مختلف النظارات والزنزانات، بات الخطر على حياة السجناء أكبر بكثير، خاصةً في ظل الاكتظاظ المخيف الذي ينبئ بكارثة وشيكة إذا لم يتم استدراك هذه الحالة الخارجة عن المألوف من قبل المعنيين.

 

فبعد سلسلة الخطوات التحذيرية التي قامت بها جمعية "نضال لأجل الإنسان" لدق ناقوس الخطر دون أي تجاوب من قبل المعنيين، وانطلاقاً من مبدأ أن السجين إنسان، وحقّه بالحياة هو فوق كل اعتبار، عقدت الجمعية لقاءً موسّعاً لمناقشة مجموعة خطوات وإجراءات قانونية آن الأوان للبت بها، للتخفيف من الاكتظاظ من جهة، والمحافظة على حياة السجناء وإيجاد حلولٍ لإخراجهم من السجون، من جهة أخرى.

 

ضمّ اللقاء رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية، الدكتور ميشال موسى، ووزارة العدل ممثلةً بالقاضي رجا أبي نادر، المشرف على مديرية السجون، والقاضية باتريسيا أبو عبود، ونقابة المحامين ممثلةً بالأستاذة ملاك حميّة، بالإضافة إلى قطاع المحامين في مختلف الأحزاب اللبنانية، حيث جرى البحث ومناقشة في الخطوات التي يجب الضغط فيها ومناقشتها باتّجاه تنفيذها نظراً لخطورة وضع السجون اليوم.

 

صليبا

بدايةً، افتتحت رئيسة جمعية "نضال لأجل الانسان"، ريما صليبا، الجلسة بكلمة ترحيبية بالمشاركين، حيث عرضت شرحاً ملخصاً عن الجمعية، كما ركّزت بشكلٍ خاص على مؤتمرها الأول حول وضع السجون في لبنان، مشددةً على أن هدف اللقاء هو تخفيف الاكتظاظ بالسجون بأسرع وقت، خصوصاً في ظل جائحة كورونا، وذلك من خلال البحث في إجراءات فورية لتخفيف الاكتظاظ، من خلال تبادل الآراء والأفكار من قِبل المشاركين في اللقاء للتوصّل إلى صيغةٍ موحّدة، وتوحيد الجهود للضغط على المعنيين في هذا الملف.

 

محمود

بعدها تحدّث أمين سر الجمعية فريد محمود، الذي لفت إلى أن، "الاكتظاظ الحاد في السجون يشكّل خطورةً على عدة صُعُد، خاصةً وأنّه تمدّد إلى النظارات، مؤكّداً على أنّ "سجن رومية المركزي دليل صارخ على هذا الواقع المؤسف، فهذا الاكتظاظ يولّد عدة مشاكل، ومنها عدم إمكانية فصل السجناء، فتحوّل دور السجن من التأهيل إلى مكان يتعلّم فيه السجناء مِمَن هم أكثر احترافية في عالم الجريمة".

أضاف: "المطلوب اعتبار قضية السجون قضيةً وطنية، وليست قضية أهالي سجناء فقط. كما أكد على ضرورة، التطبيق الصارم للمواد 107 وما يليها من قانون أصول المحاكمة الجزائية، لجهة شروط التوقيف الاحتياطي، والابتعاد عن التوقيف الاعتباطي، واعتماد بدائل عن التوقيف الاحتياطي من خلال إجراءات نصت عليها المادة 111. وركز على ضرورة:

– تطبيق قانون استبدال بعض العقوبات بعقوبة العمل الاجتماعي المجّاني.

– إخلاء سبيل الذين تجاوزت أعمارهم 75 عاماً، والأشخاص المصابين بأمراضٍ مستعصية وغير قابلة للشفاء من خلال تطبيق قانون تخفيض العقوبات.

– إقرار تشريعات معيّنة كإسقاط الغرامات عن المحكومين الذين أنهوا المدة السجنية، ولا زالوا يقبعون في السجون لعدم إمكانهم تسديد الغرامات، ولإخراج المحكومين بجنحٍ بسيطة وأُسقطت عنهم الحقوق الشخصية.

 

موسى

من جهته، اعتبر رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية الدكتور ميشال موسى، أنّ مشكلة السجون قديمة، وهناك مفهوم سائد أن قساوة السجن تعني عدالةً أكثر، واقتصر دور السجن على  كونه مكان عقوبة فقط. لكن السجن هو للتأهيل ومساعدة السجين على تنمية الشخصية وإعطائه حقوقه البديهية. أما مشكلة الاكتظاظ فهي تستوجب بناء سجون حديثة (سجن مجدليا تأخّر بناؤه مع العلم أن تمويله مؤمّن، وسجن في الجنوب يواجه عراقيل)، وسجون في الأطراف تحلّ مشكلة الزيارات مع الأهل وفقدان الرابط العاطفي بين الأهل والسجين.

اضاف: "أما في ظل جائحة كورونا فيجب اتّخاذ اجراءت سريعة للحد من تفشي الوباء داخل السجون، مثل التشدّد في زيارات الأهل. أما الجهود كالاعتماد أكثر على المحاكمة عن بُعد، وتفعيل محكمة سجن رومية تبقى غير كافية رغم أهميّتها".

وأشار إلى أن، "قانون السجون في لبنان قديم جداً (1920) ويجب تعديله، لذلك المطلوب رفع أولويات السجون لدى الدولة وجعلها من الأولويات، وتعزيز التعاون بين الوزارات المعنيّة، كما التأكيد على أن السجون شأن مدني وليس عسكري، لذلك يجب نقل إدارة السجون إلى وزارة العدل".

أمّا من جهة الحلول والاقتراحات، فقال: "يجب الكشف وتجهيز مبانٍ حكومية غير مستعملة، واستعمالها كسجون بشكل مؤقت (مناسبة للحراسة وبعيدة نسبياً عن السكن).

-الإسراع بالمحاكمات، وإعلان حالة طوارئ قضائية.

-استعمال تقنيّات حديثة في المحاكمات، وتعديل قانون السجون (السنة السجنية).

– قانون أحكام بديلة عملي وسهل التطبيق. وداتا موحدة بين الوزارات المعنية".

 

أبي نادر

بدوره، المشرف على مديرية السجون من قِبل وزارة العدل القاضي رجا أبي نادر، ألقى نظرةً عامة على وضع السجون في لبنان والتركيز على الاكتظاظ، وتطوّر الوضع في ظل جائحة كورونا، عارضاً وضع السجون بالأرقام والنسب المئوية والمقارنة بين السنين السابقة والحالية، موضحاً أن الأرقام تشير إلى تحسّن في نسبة الموقوفين. لكن هذا الانخفاض غير كافٍ ولا يشمل المخافر. مع العلم أن المخافر غير مجهزة على الإطلاق للمساجين.

 

حمية

وأكّدت ممثلة نقابة المحامين في بيروت، المحامية ملاك حمية، على كل ما تقدّم وشدّدت على ضرورة بناء سجون جديدة، وإقفال السجون غير المؤهلة، وضرورة تعليل أسباب التوقيف تطبيقاً للمادة 107 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

كما لفتت إلى ضرورة العمل على تسريع المحاكمات، وترحيل السجناء الأجانب عند انتهاء مدة محكوميّتهم  بالإضافة إلى تجهيز المحاكم بما يلزم.

 

عطية

ثم تحدّث عن "حركة أمل" المحامي محمد عطية، فأشار إلى أن "أسباب الاكتظاظ عديدة، أهمّها: نقص عدد القضاة، وغياب لعنصر المحاسبة لدى التفتيش القضائي. كما ركّز على أن ظاهرة المودَعين بالأمانة في المخافر والنظارات هي مخالفة صارخة للقوانين".

 

اسماعيل

من جهتها، مفوضية العدل في التقدمي  المحامية سوزان اسماعيل، أكّدت على أن السجون للردع والتأهيل، ولذا لا بد من احترام إنسانية السجين، مشيرةً إلى أن السجون في لبنان تتفاوت بين السيّء والأكثر سوءاً وبغالبيتها غير إنسانية. فالتواجد في بعض السجون هو ضرب من ضروب التعذيب والمعاملة القاسية.

وشدّدت على أن المسؤولية تقع على السلطات التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، والتي لا بدّ وأن تعمل على تحويل السجون من أداة عقاب غير منتجة إلى أماكن إصلاح وتأهيل.

 

طانيوس

وتحدّث عن القوات اللبنانية، المحامي كميل طانيوس، فأكّد على أهمية الموضوع المطروح، ولفتَ إلى أنه لاحظ أنّ تجميع المعلومات، والوصول إلى داتا موحّدة لها أهمية في إحداث فرقٍ كبير في تسريع المحاكمات، والتعاون بين السجون، والجهات المعنيّة لمعالجة هذه المشكلة على أسسٍ موضوعية مبنيّة على الواقع، وفصل جلسات المحاكمات بين من يحاكَمون دون توقيف وبين الموقوفين احتياطياً، وإعطاء الأولية للفئة الاخيرة، وتخفيف الاستنساب بين المحاكم، وتوحيد الآليات والإجراءات".

 

الأشقر

ثم كانت كلمة للمحامي رمزي الأشقر عن "الوطني الحر"، أكد فيها على ضرورة:

– اعتماد سياسة اجتماعية عادلة تخفّف الجريمة، وأن تكون هنالك إرادة سياسية واستراتيجية كاملة لإصلاح العدالة الجنائية.

– الحد من نطاق الحبس في بعض الجرائم.

– عدم اللجوء إلى حبس الأطفال، إلّا كإجراءٍ أخير وعند الضرورة.

– تبسيط وتسريع المحاكمات.

– تطبيق المواد القانونية التي تسهّل إطلاق سراح المحكومين والموقوفين.

– تسريع البت بطلبات إخلاء السبيل.

– الحد من الاعتقالات التعسفية.

– اعتماد بدائل عن السجن بمجموعة من التدابير، والجزاءات غير الاحتجازية".

 

عزام

 

وعن الجماعة الإسلامية رأى محمد عزام انه يجب معالجة مشكلة الإكتظاظ في السجون والتي وصلت الى مستوى لم يعد مقبولاً، مشدداً "على ضرورة معالجة الوضع القائم. كما أكد على تبني الحلول التي اقترحت في الجلسة".

 

You May Also Like

More From Author