أكد نائب رئيس مجلس الوزراء السابق الوزير غسان حاصباني أن المصارف المركزية تخزن الذهب عادة لاستخدامه لتغطية خسائر وديون وسعر صرف العملة في الأوقات الأكثر حراجة، ولمواجهة المخاطر ومحطات التضخم التي قد تمر بها بلدانها، والمحافظة على الاستقرار الاقتصادي كما تنويع موجوداتها، لافتاً الى أن حجم هذا المعدن في المصارف المركزية بلغ حول العالم خمس حجم الذهب المستخرج، أي ما يقارب 33 ألف طن.
وفي حديث إلى موقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني، أوضح أن 88 % من المصارف المركزية العالمية خزنت الذهب، لأن أسعاره كانت إلى ارتفاع، مع نسب فوائد قليلة، فأصبح المعدن الأصفر من الأصول التي تعطي عائدات عالية، مشيراً الى أنه تم تخزين غالبية الذهب في المصارف المركزية العالمية في العقد المنصرم، بين 2010 و2020، لكن مع استجداد أزمة فيروس كورونا انقلبت المعادلة، وبدأت المصارف تتصرف بذهبها لتعزيز الاستقرار النقدي والاقتصادي خلال الأزمة.
كما توقف حاصباني عند حجم احتياط الذهب في مصرف لبنان، مؤكداً أنه يقدر بـ10 ملايين أونصة أي 284 طناً، غالبية السبائك في لبنان، وجزء صغير منها في الخارج، مقدراً قيمتها بنحو 18 مليار دولار، أي بسعر تقريبي هو 2000 دولار للأونصة.
وإذ لفت الى أن الذهب عادة ما يستخدم بالأزمات لاستعادة الاستقرار، شدد على أن لبنان الذي يمر بأزمة عميقة، لا تقتصر أزمته على الشقين النقدي والمالي فقط، بل ظروفها ومسبباتها متشعبة، منها سياسية وأمنية ومنها ما هو متعلق بالفساد وسوء الادارة، يرفض المس بالذهب الذي بات الملاذ الأخير للاستخدام، قبل ان تُحل مسببات الأزمة، ليتم بعدها اللجوء الى استخدام هذا المعدن كما تفعل المصارف المركزية الأخرى، جازماً بأن الخوف على الذهب يأتي من الداخل لا من الخارج، لأنه مملوك من المصرف المركزي المستقل عن السلطة التنفيذية للدولة، صاحبة الديون مع الجهات الخارجية، ولا يمكن للمدينين أن يحجزوا على هذه الأصول لأن الدين ليس لمصرف لبنان.
كذلك ابدى حاصباني خشيته من أن يتم اتخاذ اي قرار داخلي لرهن أو تأجير الذهب للاستمرار بدعم استيراد السلع الأساسية بغياب أي عمل اصلاحي لإزالة مسببات الأزمة، مشدداً على أن هذه الخطوة ستقضي على الذهب اللبناني، كما على آخر جرعة للمصرف المركزي في أن يساهم بالاستقرار الاقتصادي وإعادة النهضة. اضاف: “في هذه الحال، نصل إلى تضخم كبير وانهيار عظيم في سعر صرف العملة ويدخل البلد في متاهة يصعب الخروج منها لعقود عدة”.
يستغرب كيف يتم الحديث عما تبقى من سلتي مصرف لبنان: احتياطات المصارف الإلزامية والذهب، بعد نفاد الاحتياط خلال الشهرين المقبلين، وإذ يجزم بسوء هذين الخيارين، لأن الاحتياطات المصرفية هي لحماية حقوق المودعين واستمرارية عمل المصارف وإدارة المخاطر المالية، والذهب هو للاستقرار النقدي والاقتصادي العام، يجدد المطالبة بضرورة البدء بإصلاحات توقف الهدر وتعيد التوازن الى الميزان التجاري وتستعيد الثقة، امام عملية تدفق الأموال من الخارج، لأن أي استخدام لهذه الاحتياطات سيجفف آخر قطرة مما تبقى من الواحة المالية، ويؤدي حتماً إلى انهيار شامل.
كما يرى حاصباني أن الخطوة الأولى والأهم هي التوقف عن إضاعة الوقت وبدء الإصلاحات، التي إن غابت، فلن يبقى لهذه السلطة سوى التفريط بما تبقى لدى اللبنانيين، بشراء الوقت لها وتعويم نفسها بتخدير المواطنين من كيسهم، حيث يذهب البلد بجرعة تخدير فائضة تؤدي الى موت سريري.
يختم حاصباني بالاشارة الى أن الفترة الزمنية الافتراضية للدعم التي يمكن ان تغطيها الاحتياطات إذا استهلكت هي على الشكل التالي:
– الاحتياطي الإلزامي للمصارف (17.5 مليار دولار) ـ سنتان و4 أشهر.
– الذهب (18 مليار دولار) ـ سنتان و6 أشهر، لافتاً الى أنه يمكن الاستمرار بتعويم السلطة الى ما بعد انتهاء العهد الحالي، مع الاستمرار بالانهيار والإبقاء على الفراغ الاصلاحي والهدر، ويكون تدمير ما تبقى من مقومات لبنانية مستمر خلال السنوات الخمس المقبلة.