مقابلة وليد جنبلاط كاملة لقناة “الجديد”

رأى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أن القدر ما كان منصفًا بحق مسيرته السياسية ومسيرة لبنان “في المرحلة التي استلمت بها في ذاك اليوم المشؤوم مقدرات العمل السياسي”. وفي حديث مع قناة “الجديد” لمناسبة ذكرى المئة وثلاث سنوات على ميلاد كمال جنبلاط، ذكّر جنبلاط بأن المعلم الشهيد “منذ العام ١٩٤٩، أي من بعد تأسيس الحزب الى العام ١٩٧٤، خاض معركة الإصلاح السياسي من داخل النظام، ولكن من بعدها اندلعت الحرب في العام ١٩٧٥ وهو الذي كان يحاول ان يبعد شبح الحرب، وكم من مرة بشكل مباشر أو غير مباشر نبّه القيمين وخاصة المارونية السياسية اذا صحّ التعبير، ومن خلال الرهبان حيث كان له علاقة معهم من خلال نعمه جنبلاط من العائلة، وكان يرسل رسائل للاباتي بولس نعمان وغيره، قائلا: لا تغامروا فهذا مصير البلد ومصيركم. وكذلك فعل مع غيره من الرهبان والسياسيين، وعُقدت طاولة حوار قبل اندلاع الحرب في العام ١٩٧٥ او بعد الاندلاع بفترة ولم تعط نتيجة، ثم قدم البرنامج المرحلي مع رفاقه في الأحزاب كصيغة خلاص وتسوية. لكن المعادلة الإقليمية كانت مختلفة لأنه كان هناك الأميركي والسوري، فالاميركي أعطى الضوء الأخضر للسوري في ما يتعلق باستلام لبنان”.

 

وأضاف جنبلاط: “استلمت بظرف مختلف تماما، فهناك لعنة يسمونها لعنة الدم، ومن اليوم نفسه الذي قُتل فيه رافقتني، لأنه قُتل كمال جنبلاط وقُتل مئات الأبرياء، فكانت المسيرة وجولة وراء جولة من الحروب، حاولنا ان نتفاداها لكن هناك معادلات إقليمية أقوى ومعادلات دولية أقوى، وكان القدر قاسيا على اللبنانيين وأهل الجبل، وحاولت لكنني لم أستطع، حاولت في العام ١٩٨٢، وكذلك في العام ١٩٨٩، حاولنا انذاك مع بشير الجميل وسمير فرنجية وألبير منصور، وأرسلنا برسائل لبشير عبر السفير جوني عبده، وذلك لتأخير الاستحقاق لكنه كان أسير معادلته ونحن كنا أسرى المعادلات”، مشيراً الى أن “لعبة الأمم هي التي استفادت من اللعبة الداخلية ومن الانقسام الداخلي الذي كان ولا يزال”.

 

ورداً على سؤال عما اذا كان هناك شبه بين كل ما يتحدث عنه وبين ما نعيشه اليوم، قال جنبلاط: “كلا، لأن العالم العربي كان موجوداً كانت هناك مصر والسعودية وسوريا، إنما اليوم العالم العربي غير موجود، بقيت بعض الدول لكن العالم العربي وخاصة منطقة الهلال الخصيب التي نتحدث عنها وتضم لبنان سوريا والعراق، انتهت، فلم يعد هناك دول، العراق لم يبق دولة وسوريا أشلاء دولة تتقاسمها إيران وروسيا، لبنان يوجد فيه بقايا دولة، ولكن السؤال موجّه إلى الجمهورية الإسلامية، هل تريدون دولة في لبنان؟ وهل تريدون احترام التنوع فيه؟ وهل تريدون احترام الجامعات وكل شيء من لبنان القديم؟ هذا سؤال يُوجّه”.

 

ولفت الى ان “التصرف اليوم من الجمهورية الاسلامية الايرانية يوخي وكأن لبنان محطة وساحة تحسين شروط في مواجهة الأميركي والاسرائيلي، لذلك إذا اردت أن أصف لبنان فهو قاعدة صواريخ، ربما هذه الصواريخ تنطلق وربما لا، هذه لعبة الأمم”. وتابع: “كان هناك ترسانة من الصواريخ عند الأميركيين والروس، وبلحظة مصيرية كادت تدمّر العالم بأزمة كوبا لكن “زمطت” البشرية”.

 

وردا على سؤال، قال جنبلاط: “لم نسأل حزب الله، وهو يتصرف بواقع معين ويضع أولويات التحرير، تحرير مزارع شبعا وغيرها، يمكن ثقافتهم السياسية غير ثقافتنا السياسية حول موضوع لبنان، وصحيح نحن خضنا حروبا داخلية بمراحل معينة لكن كنا نحترم الفكرة اللبنانية وبقيت فكرة لبنان موجودة”. واستطرد قائلا: “على أيام الحكم السوري، كنا دولة ملحقة بسوريا ولكن كنا دولة وبقي مفهوم الدولة، صحيح ان السوري وضع في المفاصل الأساسية جماعته وبالامن بالتحديد  لكنه كان يقول شعب واحد في دولتين، وهذه مسألة مهمة استمرت من العام ١٩٩٠ حتى العام ٢٠٠٠. وأنا هنا أتكلم وقائع تاريخية، لذلك يجب ان يُسأل أحدهم في إيران الجمهورية الإسلامية هل يتبعون ذات السياسة أم يستفيدون من هذا الانهيار العربي الكبير وهذا التراجع وهذا التفكيك؟”.

 

ورداً على السؤال اذا كان مصيرنا في يد الإيراني وليس بيد الفرنسي أم الأميركي، قال “الإيراني والاميركي وطبعا لا ننسى إسرائيل، فمن يحكم اليوم العالم العربي وما تبقى منه؟ الجمهورية الإسلامية إيران تركيا وإسرائيل، واسرائيل اليوم تجتاح العالم العربي”. وقال: “حصل التطبيع، وعلينا نحن ان نسرع في التسوية الداخلية كي لا نخسر كل شيء، لقد حصل التطبيع على دمار مرفأ بيروت وعلى دمار الاشرفية ومار مخايل وعلى ما تبقى من اقتصاد لبناني، حصل التطبيع وسيزداد، فما هو مصير اللبنانيين في الخليج، وما هو مصير منتجاتنا كلبنانيين؟ وما هو مصير اللبنانيين هناك؟ حصل تطبيع ومئات الاطباء اليوم يهاجرون، فهذا السؤال الأساس؛ كيف نؤكد على تسوية وننتزع التسوية من الجهل ومن الثأر السياسي الداخلي الذي يلحقنا؟”.

 

وأضاف جنبلاط: “جميعنا نتحمل مسؤولية وكل واحد بمقدار ما يتمتع من قوة، ولكن أبدأ بالمسؤولية الاولى على حزب الله، الذي يجب ان يساعدنا في الداخل إذا أراد ذلك، مع حلفائه، مع ميشال عون وغيره، في ان نصل الى تسوية، هذا اذا كنا نتشارك سويا مع الحزب في الرؤية وفي أهمية البقاء على لبنان وفي التنوع السياسي والثقافي والحضاري”.

 

وردا على سؤال عما اذا كانت مصلحة حزب الله عدم الوصول الى تسوية، قال: “انا اسأل ولا أستنتج، وإنني ألاحظ ان اقتصاد لبنان ينهار ولكن المسؤولية ليست كلها عليهم انما يتحملون منها”، سائلا: “هل يمكننا ان نمسك بحدودنا وأن نوقف التهريب؟ فهذا سؤال وإلا ما قيمة التسوية؟ فهل نستطيع ان نخرج الحكومة من النكايات السياسية الداخلية؟: لقد تعهدت أمام الرئيس ايمانويل ماكرون، ولكن ما هي قدرتي أنا على التأثير على القرار العام؟ أنا اؤثر بما أملك من حدود. فقد حصروني بالدائرة الدرزية، ولكن من حقي أن أرى حكومة أخصائيين كما طلب ماكرون، لكن ليست حكومة نكايات وأخذ ثأر، والتي بدأنا بها بحيث جهة سياسية اليوم تستعين بالقضاء غير المستقل من أجل فتح الحسابات، فهذا ليس دور ميشال عون وجبران باسيل او سليم جريصاتي أو الغير، هذا دور القضاء المستقل الذي يحاسب وليد جنبلاط وغيره”.

 

وعما اذا كان يعتبر ما أثير حول وزارة المهجرين استهدافا له، قال: “هذا التوجه خاطئ لأنه لا يأتي من جهة مستقلة ومن قضاء مستقل، عندما يكون هناك قضاء مستقل عندها تُفتح كل الحسابات من الطاقة وغيرها. وسنرى، هل سيصلون الى الطاقة ويحاسبون انفسهم في الطاقة؟”.

 

وأكد أن الأهم هو بقاء لبنان الكبير، قائلا: “لن نفقد الأمل ولن نسمح لهم بإيصالنا الى مرحلة اليأس من أعداء لبنان أو الذين لا يفهمون فكرة التنوع هذه وفكرة الجامعات والارساليات والمستشفيات وحرية التفكير والصحافة الحرة، ما تبقى منها، لن نسمح لهم بتيئيسنا، لكن علينا أن نلبي البرنامج المتواضع الذي وضعه ماكرون”.

 

وأشار الى ان “ماكرون قال لنا بصراحة عندما اتى الى قصر الصنوبر في اليوم الأول: لست هنا لأعالج الخلاف الأميركي الايراني، ولست هناك لأتحدث عن موضوع فلسطين أو لأتحدث عن سلاح حزب الله، لأن البعض منا على الطاولة فتح موضوع السلاح فأقفل الموضوع”، مضيفا “ماكرون اقترح برنامج عمل هو الاصلاح والنقطة الاولى قبل الانفجار كانت الكهرباء، فعلى مدى سنتين عندما كان الشيخ سعد الحريري في الحكم مع جبران باسيل كانت النقطة الأساس هي الكهرباء، وكان ممثل الفرنسيين انذاك بيار دوكان يلاحق موضوع الإصلاح ابتداء من الكهرباء، لكن طبعا حصل الانفجار وانهار الاقتصاد بعد الثورة، ليس بسببها، بل نتيجة تراكم الاهمال والفساد”.

 

وأضاف: “ماكرون طرح التدقيق في المصارف وفي البنك المركزي كبداية الاصلاح، وقال انه حينها انا كرئيس فرنسا أستطيع ان افتح أبواب المساعدة وأبواب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. لكن لم يجر الاصلاح، أعطانا مهلة أسبوعين ولم تُشكل حكومة. والآن التحدي مجددا”.

 

وتابع جنبلاط “تبقى اهمية الخطوط العريضة التي وضعها ماكرون ولم نصل بعد الى المستحيل. وهذا هو طوق النجاة الوحيد لأنه إذا بعض الفرقاء من هنا أو هناك يراهن على الادارة الأميركية الجديدة، فالادارة الجديدة الى أن تأتي وإلى أن يأتي جدول لبنان، الأمر يحتاج الى وقت. ثم اننا لن نعود الى الاتفاق النووي كما ودّعه دونالد ترامب، انما سنعود الى محاولة اتفاق نووي معدّل لأنه اليوم قد تكون الجمهورية الاسلامية وصلت الى تصنيع القنبلة الذرية، لكن هذه القنبلة تحتاج الى صاروخ لاستخدامها، والجدول الأهم اليوم في المناقشة سيكون الصواريخ الباليستية، وهذا ما نقرأه بالصحافة وليس سرا”.

 

وردا على سؤال، قال جنبلاط: “الرئيس المنتخب جو بايدن جاء الى لبنان مرتين، مرة في العام ٢٠٠٦ أو ٢٠٠٧ حينها عرّفني اليه جيفري فيلتمان، وأؤكد للذين يكرهونه ان جيف صديقي، ثم جاء على ما أعتقد ضمن مهمة المراقبين الدوليين في انتخابات ٢٠٠٩، ويومها قابلناه في منزل السيدة نايلة معوض في الحازمية، وأما الصورة له في المختارة فقد كانت في الزيارة السابقة”.

 

وعما اذا ستتغير سياسة واشنطن مع بايدن، قال جنبلاط: “كل الشرق الأوسط تغيّر، الشرق الأوسط القديم العربي انتهى وبقيت دول، المملكة العربية السعودية موجودة وبقيت مصر، ولكن أتحدث عن الدور. والسؤال الان كيف نستمر بالحفاظ على لبنان الكبير وعلى تراث الحزب التقدمي الإشتراكي وتراث كمال جنبلاط في التنوع والحرية وفي الاشتراكية الانسانية وفي القضية الفلسطينية؟”.

 

وأعتبر جنبلاط أنه “لم يعد هناك رجالات مثل كمال جنبلاط وريمون إده، فحتى الأخصام كان لخصومتهم لذة، كان لهم نكهة ككميل شمعون، رغم أنه كان خصماً قاسيا جدا، لكنه كان يحسن فن التسوية أحيانا، ثم فؤاد شهاب، فشارل الحلو الذي كان من كبار المثقفين إلى جانب الرعيل الأول امثال بهيج تقي الدين، نصري معلوف والمئات من النخب، وألبير منصور منهم، لقد رحلوا”.

 

وأضاف جنبلاط: “البعض يتكلم عني وعن الوراثة السياسية، لكن هذه هي الظروف، وهذه المختارة بدورها الذي حدّثه كمال جنبلاط برسالته الإشتراكية والتقدمية، لكن المختارة بقيت مرجعية الجبل واللبنانيين والعرب، وألبير منصور كان من رفاقي حينما ساعدني ومحسن ابراهيم وجورج حاوي وتوفيق سلطان، وكثر آخرين، ساعدوني على تحمّل أعباء الحركة الوطنية، التي كانت إنجازا للرعيل الأول، ووضعوا البرنامج وأفكاره لتغيير صيغة النظام البالي، لكنها لم تُترجم”. وتابع: “ينتقدون وراثتي السياسية، ولكن تم إغتيال كمال جنبلاط، ولولا ألبير منصور وفؤاد سلمان ومحسن ابراهيم وأنور الفطايري وشريف فياض وغيرهم من رفاقي في الحزب والأحزاب الوطنية لم أكن لأبني نفسي، فهم رافقوني في أقسى الظروف، ومنهم من بقي في مرحلة معيّنة كمحسن دلول الصديق وعباس خلف، ومنهم من لم يتحمل دورات العنف التي أُجبرنا على الدخول فيها، وبالتحديد حرب الجبل”.

 

ومن ثم توجّه لرئيس كتلة اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط وقال: “أتمنى على تيمور أن يعود إلى الإرث الكبير للجد الأكبر، وهو مؤسس الحداثة في العائلة وأن يستمد القوة من كمال جنبلاط، وأن يختار الرفاق من أجل إستمرار المسيرة، وحينما وجهت له وصيتي في إحتفال إحياء الذكري الأربعين لإستشهاد كمال جنبلاط، أن لا ينسى المسيرة الإنسانية، والصلح، والتسوية كما وفلسطين والعروبة، هذا كلامي منذ ثلاث سنوات، ولا زلت عند كلامي، وآمل أن تكون الظروف أحسن، وأنا جنبه، رغم أنه يقوم بدوره بقدر ما أمكن، فالكورونا عطّلت كل شيء، لكن أنا موجود جنبه إلى أن تأتي الساعة”.

 

وعما اذا كان النائب تيمور جنبلاط يشبه جده، قال: “جميعنا إستمدينا قوة من هذا الرجل الكبير كمال جنبلاط، لكن في ظرفي لست كمال جنبلاط، وأُعاتب لعدم إعطائي فكر الحزب أهميته، فأنا أعطيته، لكن كيف لي أن أعطيه في زمن الحروب، الحرب كانت دفاعا عن النفس، من أجل البقاء والإستمرار، لذلك، أوصي تيمور بنبذ العنف، ومن جهتي، سأفتح الطريق للجيل الجديد ليس الدرزي فقط، لكي يلتقي مع الجيل الجديد، من سائر الناس”.

 

كما أشار جنبلاط إلى أنه “خبرٌ جميل أن الأحزاب جميعها هُزمت في الإنتخابات الطلابية الجامعية، من اليسوعية إلى الجامعة الاميركية في بيروت والجامعة الأميركية اللبنانية، ما يعني ولادة جيل جديد بعيد عن التحجر الفكري لأحزابنا والأحزاب المهيمنة”. وردا على سؤال حول فوز هذه المجموعات المستقلة على حساب الأحزاب، ومنها التقدمي، أجاب جنبلاط: “لا مشكلة، فهذا هو التغيير، ومررت بمرحلة قصيرة في أواخر الستينيات، كنت في الواجهة إلى جانب اليسار اللبناني والفلسطينيين، وواجهنا آنذاك السلطة حينما أطلقت النار علينا ثلاث مرات في 26 نيسان، يومها عدت إلى منزلنا التاريخي في المصيطبة، وقلت للوالد، لماذا لا تستقيلون؟ أنتم كسلطة تطلقون النار على الناس”، مشيرا الى أنه “على تيمور أن يحاول، كما أن الثورة حينما إنطلقت، حطمت الرموز وكان هدفها تحطيم الماضي وتحطيم تراثنا، فليسمحوا لي، تراثنا عريق، من تراث كمال جنبلاط إلى ثورة الـ58 إلى البرنامج المرحلي، وتأييد القضية الفلسطينية، لمواجهتنا للدخول السوري، وصمودنا، فحينما قتل كمال جنبلاط كان المطلوب إنهاء دارة المختارة وإنهاء الحزب التقدمي الإشتراكي، فصمدت ومن رافقني في الحزب والحركة الوطنية، وبقيت وبأعجوبة لا زلنا موجودين، فلا أحد يعلمنا دروساً بإلغاء ماضينا، فليسمح لي من قال “كلن يعني كلن”، والآن، على تيمور أن يجرب حظّه”.

 

وذّكر جنبلاط بأن “كمال جنبلاط كان يتحدّث عن تمرد مدني سلمي، فهو كان مخالف للعنف، وإلتقى وكبار آنذاك وأسقطوا الشيخ بشارة الخوري، عندما إجتمع كمال جنبلاط مع كميل شمعون وغسان تويني وعبدالله الحاج، وكان على ما أعتقد أنور الخطيب معهم، فكانوا 7 نواب، وقاموا بالإنقلاب الأبيض، ومن بعدها حدث الإضراب العام، فإستقال الشيخ بشارة”.

 

وتابع في هذا السياق مستطردا: “كان الشيخ بشارة حضاري، وكان من مدرسة مختلفة عن مدارس اليوم، فيومها إستقال من أجل لبنان، ولم يكن هناك يومها شبح عنف، بل الحضارة وإحترام بين الشخصيات، ومن بعدها، إنجرينا في عهد كميل شمعون، بسبب ظروف إقليمية ومحلية إلى ثورة الـ58، والتي كانت قصيرة، ويومها قبل بالتسوية، ربما على مضض، وإستمرت الخصومة والإحترام، وكان لرشيد أفندي كلمة عن الـ52 وغيرها، “كمال وكميل”، بسبب الصداقة القديمة والتحالف، ومهرجان دير القمر الشهير، حين إجتمع عشرات الآلاف، فأين تلك الأيام؟”.

 

وردا على سؤال حول دعوته رئيس الجمهورية إلى الإستقالة، كما إستقال بشارة الخوري نزولا عند رغبة الشعب، قال جنبلاط: “لا يمكنك أن تتلفظ بالكلمة، تقوم عليك القيامة، أدعوه إلى الإستقالة لكن الأمر سيولد حساسية في الشارع، سننتظر السنتين المقبلتين، بعد مرور كوارث الأربع سنوات الماضية، والأمر ليس عندي، فليتفضل البطريرك الراعي، والدكتور سمير (جعجع)، وسليمان فرنجيه، فالوحيد الذي دعا إلى إستقالته هو فارس سعيّد، وأنا ألحقهم، لكن الظروف مختلفة، والمقامات أيضا”. وتابع: “كما قال لهم كمال جنبلاط، على مشارف العام 1975، وحذرهم لينتبهوا كرمى لمصالحهم كمسيحيين، مجددا أنبّههم، لأجلهم، لأنهم حاجة بالتنوّع للبنان”.

 

أما في ما خص البديل في حال إستقال ميشال عون من رئاسة الجمهورية، فقال جنبلاط: “هناك رجالات كثيرة، وليس من إستحالة لإنتخابات جديدة، ولا زلت أؤمن بالحد الأدنى من الصوت الحر، يجب على أحرار لبنان إختيار البديل، وإلّا عندها سنكون قد إستسلمنا لسياسة إيران وأميركا وإسرائيل، وعندها لن يعود هناك لبنان”.

 

وأكد جنبلاط أن ليس له مرشح لرئاسة الجمهورية، “فلنبدأ من مبدأ الإقرار بالخطأ، كلنا سويا، وأن نستقيل، من رئيس الجمهورية وغير رئيس الجمهورية، وكل الأحزاب”.

 

ولفت جنبلاط إلى أن “مجلس النواب يحتاج إلى قانون إنتخابي جديد، إذ لا يمكن الإستمرار في ظل القانون الحالي، الذي يكرّس التفتيت، فأنا أؤيد إقرار مشروع إنتخابي جديد، قائم على ما نادى به كمال جنبلاط سابقا، النسبية، ولبنان دائرة واحدة، وخارج القيد الطائفي، وبما أن الطائفية كبّلتنا، ومن أجل إرضاء الطوائف والملل، يمكن إنشاء مجلس شيوخ لدراسة الأحوال العامة، إذا كان هناك طائفة تعتبر نفسها مهددة بالزوال، لكن يجب تشريع إلغاء المحاكم المذهبية، المسيحية والإسلامية، وقانون مدني عام يشمل الكل، فهل هذا الشيء ممكن، فعلى الزواج المدني “قامت القيامة”، لكنه ضرورة”.

 

واذ اعتبر جنبلاط أن دوره إنتهى، “واليوم دور الجيل الجديد”، لكنه لفت الى ان “الثورة لم تطرح هذا البرنامج البديل، فقد طالبت بالإسقاط فقط، لكن ما هو البديل؟”

 

وحول الإستقالة من المجلس النيابي قال: “أنا كنت معارضاً، لا يمكن الوصول إلى الفراغ من دون بديل، وكنا سنصل إلى الفراغ، والبديل قانون إنتخاب عصري”.

 

وتابع جنبلاط: “علينا أن نؤكد على حلم لبنان دولة ديمقراطية مدنية متطورة، لكن توازيا مع التأكيد على هذا الحلم، علينا أن نحافظ على لبنان، وتعود بي الذاكرة إلى حينما أتى الرئيس المصري جمال عبد الناصر بعد الوحدة إلى سوريا، وزحف غالبية اللبنانيين إلى إستقباله، وفي كلمة كمال جنبلاط، آنذاك في الشام في قصر الروضة على ما أعتقد، طالب عبد الناصر بالحفاظ على فكرة لبنان وإستقلاله، لأنه كان يعي أهمية هذا التنوّع، الفكري والسياسي والحضاري في لبنان، وهذا الكلام كان أمام المارد العربي، الذي ربما كانت تستهويه ضم لبنان تحت شعار وحدة سوريا مع مصر، لهذا أؤكد على ضرورة الحفاط علي لبنان بالرغم من كل مصائب اليوم”.

 

وأضاف جنبلاط: “الوصاية السورية حكمتنا بالحديد والنار، لكن في حينها كانت موجودة فكرة بقاء الدولة، بقاء الكيان، بالرغم من أن حافظ الأسد كانت لديه نظرية الوحدة العربية، فالبعثيون كانوا يرفضون الكيانات الجزئية، وكم من مرة قال لي حافظ الأسد، ليس هناك من فلسطين، بل هناك جنوب سوريا، وإذا كانت فلسطين جنوب سوريا، فماذا عن لبنان، غرب سوريا؟ لكن بالممارسة، يومها كانت التوازنات آنذاك، حتى بوجود مصر خارج الدول العربي، بعد إتفاقية كامب ديفيد، لكةن كان لها حضور وكان هناك عالم عربي يحضننا، أما اليوم، فهو غير موجود”. وسأل جنبلاط: “هل سيذهب لبنان فرق عملة في حال إمكانية حصول تسوية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، أو إحتمال وقوع حرب؟ لا اعلم”.

 

وتابع جنبلاط: “أقوم بمقارنات لتبيان أهمية الحفاظ على الدولة، وبالمقارنة أيضاً ما من أحد سيطر على لبنان من خلال الميليشيات، أبو عمار حاول وبشير الجميل أيضا، ونحن على طريقتنا يوم كان لنا كيان الإدارة المدنية. لذلك إذا كان مبدأ ومفهوم وجود لبنان الكبير موجودا لديهم، أو سنقع في المحظور الأسوأ، وهو تحالف الأقليات، وهو ما رفضه كمال جنبلاط، وكانت إحدى أسباب إغتياله، وأنا بدوري أرفضه”.

 

وإستذكر جنبلاط صورة له ولوالده المعلم الشهيد وهما ينظران إلى المختارة، فعلّق عليها: “كأنه كان يقول لي، إنتبه على المختارة، لذلك المختارة أمانة بيد تيمور، أصلان، وداليا، وأقول لهم، إنتبهوا على المختارة”.

 

ورأى جنبلاط أن “إجحافا تاريخيا طال كمال جنبلاط عندما حوصر بالوزارات التي تبوّأها، وكان لديه مطالب، لكن لم يعترف أحدا بحجمه الفكري وضروة تغيير النظام في لبنان، إلّا الحركة الوطنية والمفكرين الكبار، اما النظام حاصره، والنظامان اللبناني والعربي قتلاه، لأن النظام العربي لا يحتمل ديمقراطيةً وتنوعا وإنفتاحا، من لبنان إلى سوريا والعراق، قامت الثورات العربية ومن ثم أُجهضت في كل مكان بإستثناء تونس، وكم كان الأمل لمساعدة الشعب السوري على الخلاص من هذا النظام، لأن دون حرية في الشام لن يكون هناك حرية في لبنان، لكن صار العكس، تم التفاوض على حساب الشعب السوري، وأغرق النظام بتعامله مع الغير الشام وسوريا بالدماء، لذلك، يبقى الأمل بالشباب أن يعودوا إلى التاريخ، وليس الإنقطاع عنه”.

 

وردا على سؤال، قال جنبلاط: “طريقة خطابتي كانت قاسية، والمشكلة اليوم ان الحقيقة المعيشية أقسى من الحقيقة الكلامية، إذ لم يصل لبنان إلى هذه الدرجة من التراجع لذلك اليوم، همّ الناس في غير مجال، والسجال السياسي، الذي لا يفهم بعض الرفاق محاولتي الإبتعاد عنه رغم الهفوات، لكنني أقول، السياسة فن المّمكن وليس المستحيل، وقد إستعرضنا صور كمال جنبلاط مع سليمان فرنجية، بيار الجميل، المير مجيد أرسلان، حين إجتمع معهم في الحكومات او في اللقاءات، كان يعرف إلتقاط اللحظة التاريخية للتسوية، وكان يعرف الحقائق اللبنانية، لا يمكن إصلاح النظام إلّا من الداخل، لكن المطلوب رفقة، آنذاك كان هناك رفاق، كان هناك مفكرون كبار، عزت صافي قالها بأن فؤاد رزق نصح كمال جنبلاط بعدم إستخدام إلغاء الطائفية، غهذا المبدأ كان ثورة، وكان فؤاد رزق يعلم بالتوازنات الداخلية، وكمال جنبلاط أيضا، لكن طموحه (كمال جنبلاط) كان الخروج من الشرنقة الطائفية، وإخراج لبنان منها، ولو خرج لبنان آنذاك، لما وصلنا إلى وصلنا إليه”.

 

وأشار جنبلاط إلى أنه يقوم بالمراحل الأخيرة من دوره كرئيس حزب “سأنادي بخطوات تغيير في الحزب، سيتم إنتخاب مجلس قيادة جديد بغير التوازنات السابقة، وأعتقد أن الوعي الكافي متوفر لدى كل الرفاق لإنتخاب مجلس قيادة جديد، دون العودة إلى التعيين، فآنذاك عيّنا، نتيجة توزانات مناطقية، لكن أعتقد أنه هناك الوعي الكافي لدى الرفاق، وأنا متأكد من هذا الشيء، وأفتخر برفاقي، وأفتخر بصلابتهم، في خوض الإمتحان، لم نتوجه نحو الفوضى في مرحلة كانت مطلوبة الفوضى، حافظنا على رباطة الجأش والأعصاب، ثم القدر والظروف يختاران القيادة الجديدة للمختارة وللحزب”.

 

وفي هذا السياق، تابع جنبلاط: “هناك جيل جديد في الحزب، لا أقع في خوف الحسابات الإنتخابية، والتي يتخوف منها البعض في الحزب وغير الحزب، وهناك منتقدون، فلينتقدوا، وهل دائما يجب أن نتمتّع بحصرية التمثيل 50% أو 60%؟ نعود إلى مبدأ النخبة، والأقلية، فجبهة النضال الوطني ضمت كمال جنبلاط، معروف سعد، محمد عباس ياغي، فريد جبران، عزيز عون، أنور الخطيب، كانت أقوى من الحالة الحالية، كنا نتحدّى، كان كمال جنبلاط يتحدّى بهذا التنوع الذي حُرمنا منه، بهذا القانون الإنتخابي اللعين الجديد”.

 

وردا على سؤال حول وجود شركاء يكون معهم على نفس التوّجه من أجل تحقيق نفس الهدف اليوم في لبنان، قال جنبلاط: “لا، ليس هناك من شركاء، آخر شريك بالنضال الوطني والعربي هو رئيس مجلس النواب نبيه بري، معه لكن هل يمكننا أن نطرح بديل علماني لا طائفي للبنان؟ لا يستطيع فالظروف حكمت عليه، هو إبن ثورة معيّنة، إبن ثورة موسى الصدر، وليس علينا أن نحصره في دائرة الثنائي، فهو إبن ثورة الحرمان، وكان معنا في تضامنه مع الحركة الفلسطينية، كان عربيا، وأسقطنا سويا إتفاق 17 أيار”.

 

ورأى  جنبلاط أن “هذا النظام الطائفي لن يخرج البلد من المصائب، وكمال جنبلاط الذي طالب بالإنماء المتوازن، المطلب الذي ندرجه بكل بيان وزاري ولا يطبّق، من أيام رفيق الحريري، حتى آنذاك أيام كانت الإعتداءات على الجنوب متكررة، قبل وجود حزب الله، وقبل وجود المقاومة، كان كمال جنبلاط يطالب بتحصين الجنوب بملاجئ لحماية أهل الجنوب من الغارات الإسرائيلية، وحذر كمال جنبلاط من أحزمة الفقر حول العاصمة، ونحن ذكرناها أيضا، وقامت المشاريع، وفتحنا طرقات واسعة، لكن هذه الطرقات دون فرص عمل لأهل الشمال وبعلبك الهرمل أو الجنوب، أو غيرها من المناطق المحرومة، تعجّل من النزوح إلى بيروت”.

 

وأضاف جنبلاط: “لم نخلق إقتصادا منتجا، لم نحمِ الصناعة، مشينا في مرحلة معينة أيام الرئيس فؤاد السنيورة، عندما ظن البعض منا أن السلم سيحل في المنطقة، وعلينا أن ننافس إسرائيل، نحن نريد أن ننافس إسرائيل؟ هل يمكننا أن ننافسها؟ قد نستطيع بالعلم، لكن إسرائيل من كبرى الدول الصناعية”.

 

وتابع جنبلاط: “مشينا بنظرية الإقتصاد الحر، التي عارضها كمال جنبلاط وأراد أن يضع قيودا لهذا النظام، بحماية الصناعة والزراعة، كما كان ضد الوكالات الحصرية، التي حاربها رجل كبير صائب سلام، يوم شكّل حكومة الشباب، التي ضمت الياس سابا وإميل بيطار، التي سقطت لأنها تجرأت على  رفض الوكالات الحصرية، والشيء نفسه يحصل اليوم بدعم البنك المركزي للوكالات الحصرية، والدعم الذي سيطال الإحتياطي الإلزامي بعد شهر أو شهرين، عليه أن يتحول من دعم تجار الطحين والدواء والبنزين والغير إلى دعم مباشر للمواطن، بقسيمة للمواطن، يستند إلى تجربة البنك الدولي، الذي حضّر برنامجاً، وتجربة النائب وائل أبو فاعور في وزارة الشؤون الإجتماعية لجهة برنامج الأسر الأكثر فقرا، كان عددها ربما 100 ألف، اليوم يجب إعادة التقييم، وليصل العدد إلى 200 ألف، ويتحول الدعم إلى مباشر، فنحن ندعم اليوم المهربين ونرى منتجاتنا المدعومة في دبي وتركيا، والمازوت حدّث ولا حرج، والأزمة المقبلة أكبر”.

 

وقال جنبلاط: “إستخدمت مصطلح ترشيد الدعم بسبب المشاكل التي واجهتني في الحزب، فقد شددوا على ضرورة البقاء على الدعم، قلت لهم سنواجه كارثة، فإستخدمنا كلمة ترشيد الدعم بدل القول وقفه، وقد توصل الحزب إلى برنامج ممتاز، لكن لم تلقً صدى إلّا مع الرئيس بري الذي يدعم موضوع الترشيد، وهذا ما أبلغني إياه في آخر لقاء بيننا”.

 

ولفت جنبلاط إلى أن الجميع يعمل وفق حسابات الإنتخابات النيابية المقبلة، لكن سأل: “إنتخابات على ماذا؟ الخراب الكامل؟ ما قيمة النائب؟ لا شيء”.

 

ونبّه جنبلاط أنه “لا حكومة تصريف أعمال، فميشال عون قام بحكومة بديلة من خلال المجلس الأعلى للدفاع يخالف كل شيء، ولا علاقة للمجلس الأعلى للدفاع بإتخاذ قرارات معيّنة تتعارض وحكومة تصرف الأعمال، وعلى حكومة تصريف الأعمال إزالة الأحقاد، هاجمنا حسان دياب وهاجمناه، لكن اليوم عليه أن يتمسّك بالدستور، الموازنة، وترشيد الدعم”. وتابع: “من أتى بحسان دياب يريده ليستخدمه ميشال عون ويذلّه أكثر، هو يوجّه أنظاره علينا، لكن فلينظر إلى ماذا يفعلون به، وهو (ميشال عون) يستخدمه لمآربه ولأحقاده ولتصفية حسابات معنا، معي والحريري وبري وما تبقى من طبقة سياسية، لأننا لا زلنا بمبدأ حرب الإلغاء، وعدم الإعتراف بالآخر، وهناك إلى جانب حسان دياب المستشارون وهم بالمئات، إلى جانب أحقاد بعض الذين كانوا في السلك العسكري، وليسمح لي حزب الله، هو يتحمل مسؤولية لأنه من أتى بهذه الحكومة”.

 

وعاد وذكّر جنبلاط بأن “هناك إختلافا حول مفاهيم لبنان الكبير، كما هناك إختلاف بالثقافة حول كيف يرَون لبنان، وإذا أرادوا أن نقدم طلبات للإنتساب إلى القرض الحسن، في حال يقبلوننا، هذا أمر آخر، ولن أوافق عليه”. وقال جنبلاط: “أنشأوا الصراف الآلي ATM نتيجة تقصيرنا في القيام بالإصلاحات الضرورية الأساسية بعد إنفجار المرفأ وبعد زيارة الرئيس ماكرون، ويقولون “إستغنينا عنكم”، لكن لا يمكنهم الإستغناء عنا، هذه مغامرة، لا يمكنهم الإستعناء عن باقي الشعب، وإلّا عندها عليه (حزب الله) أن يتحمل مسؤولية كل الشعب اللبناني، وعليه أن يركّب الصراف الآلي من عكار إلى الجنوب والشوف والبقاع، هل يمكنه أن يتحملنا؟ لذلك أهمية الدولة ولبنان الكبير”.

 

وأضاف جنبلاط: “أدعو حكومة تصريف الأعمال إلى تحمل مسؤولياتها على صعيد الأوضاع الإقتصادية والموازنة، وقرأنا من بعض المستشارين وبعض الوزراء، ومنهم وزير الإقتصاد، نظرية جديدة مفادها إنشاء مصارف جديدة، بدل النظام المصرفي الذي يريد إصلاح ودمج مع ضوابط ومحاسبة، يعني فهو يقول لك ومن وراءه، كما فعل حزب البعث في العراق، ألغى الإقتصاد القديم وأنشأ إقتصادا جديدا شعبويا من أجل أن يبقى، فهو مع تغيير صيغة كل لبنان. وغريب هل من أحد يتخرج من الجامعة الأميركية ويكرهها؟ خرج من الجامعة الأميركية كبار المناضلين، كجورج حبش، لكنه لم يحقد على الجامعة، وغيره أيضا، اما حسان دياب حاقد على الجامعة”.

 

وسأل جنبلاط: “قاموا بالتشكيلات القضائية لكن لم يتم التوقيع عليها، أين مجلس القضاء الأعلى؟ غادة عون تحكم القضاء، رغم “شطحاتها” الإيجابية، لكن لا يمكن السير لا بالمبادرات الفردية لا بالقضاء ولا بغيره، فالمطلوب العمل المؤسساتي، أين مجلس القضاء الأعلى وأين القضاء المستقل؟”

 

وردا على سؤال، قال جنبلاط: “ليس لدي ما أخبئه، وأنا حاضر للمساءلة أمام قضاء مستقل، أما فتح الملفات غب الطلب فلن يصل الأمر إلى مكان، فالكيدية لا تولّد إلّا الأحقاد، ونسأل أين نادي القضاء؟ قام بتمرد فلماذا عاذ وسكت؟ فجأة بكلمة من وزير أسكتتهم؟ ليس لفهمي الحق بإهانة القضاء اللبناني حتى لو كان بعض القضاة فاسدين”. 

 

وأشار جنبلاط إلى أنه “نتيجة غياب الحكومة التباطؤ في تشكيل الحكومة، وصلنا إلى أعراف جديدة مخالفة للدستور، لذلك، أهمية تشكيل حكومة، وأتمنى للشيخ السعد التوفيق رغم أنني إنتقدته، وأتمنى عليه تشكيل حكومة وفق البرنامج الواضح الذي وضعه الفرنسي، فالأميركي والإيراني لم يضعا برنامجا، والعربي غير موجود وهو تارك لبنان، لكن الفرنسي وضع نقاطا محدّدة، فنحاول أن نلتقط هذه الفرصة، آخر فرصة، ولنبقى فوق السجال الداخلي لإعطاء فرصة لتشكيل حكومة ومن ثم نحاسب الحكومة”.

 

وقال جنبلاط: “في ذكرى ميلاد كمال جنبلاط أقول لرفاق الحزب والمناصرين: لا تفقدوا الأمل ولا تعتقدوا أن حزبكم ليس حزباً جبّاراً بالتغيير والصمود، فصمدنا جولات وجولات وواجهنا محاولات الإلغاء، ولكن في الوقت نفسه لسنا مع الانتحار، فالسياسة هي فن الممكن لا المستحيل ولذلك أحياناً التسوية ضرورة من أجل الحفاظ والاستمرار”، مضيفا “عليكم مساعدتي في مجلس قيادة جديد ودم جديد، وعلى تيمور وأصلان وداليا ان ينتبهوا لأهمية مرجعية المختارة الوطنية والعربية والسلم الاهلي، فهذا دورنا ولا يمكننا ان نلغيه، وعلينا أن نعود الى أصولنا”، مؤكداً أنه “كما كان لدينا في الماضي رفاق مناضلون سيبقى لنا رفاق مناضلون من أجل التغيير. وكما قال كمال جنبلاط ان هذا النظام الطائفي ليس فيه خلاص انما فيه خراب للبنان، وهذا النظام اذا ما بقي وإذا ما حافظنا جميعا كلبنانيين فقد يزول لبنان الكبير، ففكرة لبنان الكبير أساس، لا تنسوا الفكرة حتى تحت ضغط الأحداث وفوق مأساة انفجار المرفأ، لا تنسوا أهمية الحفاظ على لبنان الكبير بحدوده وتنوعه وجامعاته وبفلسفته، وإلا نقع في الطموحات الوحدوية المدمرة”.

 

وعن مطالعاته الأخيرة قال جنبلاط: “أقرأ مجدداً “بيروت مدينة العالم” لربيع جابر، الذي يجمع بين الرواية والتاريخ، وأنصح الجميع بإعادة قراءة ربيع جابر. وقبلها قرأت “أرض السواد” لأحد كبار الكتاب العرب عبد الرحمن منيف الذي يصف العراق في القرن التاسع عشر بين النفوذ الانكليزي والوجود العثماني، ولكن في موضوع لبنان أنصح بقراءة ربيع جابر”.

 

ورداً على سؤال اذا ما كان حزيناً على بيروت وهو المتعلّق بتراثها، قال: “طبعا حزين على بيروت، ولذلك تشكيل الحكومة ضروري”، مستطرداً: “التنظيم المدني أصدر قرارا بتجميد البناء، فماذا يفعل صاحب الحاجة وكيف نواجه تجار البناء، فهؤلاء أقوى من الدولة، الذين دمّروا التراث البيروتي في الأشرفية وغيرها، فسما بيروت وغيرها جريمة، فكيف سمحوا لها؟”.

 

وردا على سؤال عن الخوف من الاغتيالات، قال: “هذا القدر، كما قالها والدي، ولا يمكنك أن تهرب من قدرك”. وعن هذه الاشاعات حول الاغتيالات، قال: “الأجهزة الأمنية المرتبطة وغير المستقلة جميعها تخلق مناخاً لتخويف الناس، ما يذكرني بالمخابرات السورية التي كانت تخلق مناخا، ولا أدري لماذا يخلقون اليوم مناخ الخوف والرعب ضد المواطن الذي لم يخرج بعد من أنقاض المرفأ، وهذه أجواء مشبوهة”. وعمّا اذا خلفها أيادٍ سياسية في السلطة قال: “شو لكان؟”، مستطردا: “ليش في سلطة؟ هذه بقايا سلطة”.

 

وفي موضوع كورونا قال: “كنت أول من ناديت بالوقاية، وأقوم بجهدي في الجبل ولكن اجراءات الدولة غير كافية”، مستطرداً: “وزير الصحة قام بجهده ولكن لا توجد وحدة قرار، نفتح أسبوعا ونقفل أسبوعا آخر، ويجب ايجاد طريقة توفّق بين الاقفال وفرص العمل”، موضحا ان “هناك دولاً في المأزق نفسه مثل فرنسا، ونحن في سباق مع الزمن”. وعمّا اذا كان سيأخذ لقاح كورونا قال: “فليوزع اللقاح على المحتاجين قبل الميسورين”.

You May Also Like

More From Author