شارك أيمن مهنا، المدير التنفيذي لمؤسسة سمير قصير، في المؤتمر المانحين الذي عقد عبر تقنية الفيديو، مساء الأربعاء 2 كانون الأول/ديسمبر 2020، برئاسة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، لدعم إلإغاثة وإعادة الإعمار بعد انفجار مرفأ بيروت يوم 4 آب/أغسطس. وشارك مهنا إلى جانب سبعة ممثلين عن المجتمع المدني اللبناني، 27 رئيس دولة وحكومة، وقادة 10 منظمات دولية. وكانت له المداخلة التالية:
فخامة الرئيس، حضرة الأمين العام،
شكراً على منحي هذه الفرصة الثمينة للانضمام إلى هذا المؤتمر اليوم، كما أشكركم على الدعم الذي واظبتم، بلا كلل، على تقديمه إلى لبنان.
إنّ مؤسسة سمير قصير التي أتشرّف بتمثيلها هي واحدةٌ من أبرز المنظمات المدافعة عن حرية التعبير وتطوير وسائل الإعلام في منطقة المشرق.
نرصد، منذ سنوات عدّة، الانتهاكات التي تستهدف الإعلام في لبنان. إذا لم تكن الصحافة حرّةً، لن تتمكّن من إعلاء صوت الحقيقة في مواجهة السلطات، بل ستبقى أسيرة المصالح السياسية نفسها، تلك التي أدّت، بفسادها وعجرفتها، إلى تدمير عاصمتنا وانهيار الاقتصاد.
عندما تستمر الصحافة بمحاباة قوى لأمر الواقع، فهي تتحمّل بعضاً من المسؤولية عن المآسي التي أصابت لبنان في الماضي القريب، وتلك التي ستصيبه حتماً بوجود هذه الطبقة السياسية الحاكمة.
من هذا المنطلق، أطلقت مؤسستنا، بُعيد الانفجار، مبادرة دعم الإعلام، بهدف مساعدة الصحافيين الذين تضرّروا جسدياً، ونفسياً، ومهنياً، بفعل الانفجار والركود الاقتصادي. كانت رسالتنا واضحة: إذا كنت لا تستطيع أن تتكبّد كلفة ترميم منزلك، أو تسديد أقساط أطفالك المدرسية، أو توفير التأمين الصحي لأسرتك، فلا تطرق باب سياسي فاسد. نحن هنا لمساعدتك. نحن جاهزون لحمايتك. في المقابل، يكفي أن تكون صحافياً أميناً يتحقّق من صحة الأخبار، يطرح الأسئلة الصحيحة، ويتقصّى لبّ القضايا.
إلى ذلك، وحرصاً منا على رصد عملية إعادة الإعمار والإغاثة عن كثب، وسعياً إلى فهم ما حدث يوم 4 آب وما أدى إلى 4 آب، نحن بحاجة، اليومَ أكثر من أي وقت مضى، إلى دعم الصحافة الاستقصائية الحرة، الصادقة، والمهنية.
نحن بحاجة إلى دعم سلامة الصحافيين. لقد تعرّض 175 عاملاً في القطاع الإعلامي إلى الاعتداء الجسدي في العام الماضي على يد القوى الأمنية (التي تستخدم، غالباً، معدّاتٍ وصلتها كهبة من شركائنا الدوليين) وعلى يد مناصرين للقوى السياسية الحاكمة. لا بدّ من محاسبة المهاجمين، لا سيّما إذا كانوا قد استخدموا، في سياق هجماتهم، معدّاتٍ دفع ثمنها المكلَّفون بالضرائب في بلادكم، أو خضعوا لتدريباتٍ موّلها المكلَّفون بالضرائب في بلادكم.
إذا لم نفعل ذلك، ستستمرّ الطبقة السياسية نفسها بالسرقة والنهب، والاعتداء على الصحافيين، واستغلال الجسم القضائي، والكذب على الشعب اللبناني والمجتمع الدولي بأسره.
نحن بحاجة إلى إعادة البناء على نحوٍ أفضل. للأسف، إنّ المكوّنات الناقصة من كافة عمليات الإغاثة والمساعدات السابقة التي وصلت إلى لبنان، بعد كلّ أزمة مرّ بها، كانت المساءلة والعدالة. من الضروري أن يشكّل هذا المكوّنان شرطاً لا يحتمل المساومة لأي برنامج دعم. نحن ندين بذلك إلى الضحايا وإلى الشعب اللبناني. وتشترط المساءلة والعدالة، بطبيعة الحال، قطاعاً إعلامياً قوياً، آمناً، حراً ومستداماً.
شكراً.