أكّد الوزير السابق الدكتور ريشار قيومجيان أن “ما أوصل البلد الى الانهيار المالي والنقدي والافلاس هو: من جهة وجود نوع من اوليغارشية سياسية مالية ينخرها الفساد ومتحكمة بكل مفاصل السلطة والمالية العامة، وتم ذلك عبر ممارساتها في الحكومات المتعاقبة ومجالس النواب ومعظم الاحزاب إلا “القوات اللبنانية” التي تنغمس بالفساد. ومن جهة اخرى وجود دويلة السلاح غير الشرعي التي تسببت للبنان بمشاكل مع دول الخليج والدول المانحة وأعني “حزب الله” ومنظومة المال والسلاح غير الشرعي”.
وفي مقابلة عبر “لبنان الحر”، شدّد على أن معالجة هذه الاوليغارشية تتم عبر الانتخابات، مضيفاً: “اتمنى ان تكون الانتخابات مبكرة او اقله في موعدها. لذا إن المطلوب وعي اكثر من المواطنين خلال الانتخابات النيابية ليعرفوا لمن يصوتون وليمنحوا ثقتهم لأصحاب الكف النظيف والكفاءات. كما الامل الثاني ان نصل كلبنانيين الى وقت نتفاهم على ان السلاح غير الشرعي يضر بلبنان”.
ورداً على سؤال، أجاب: “القانون الانتخابي الحالي قائم ولا يمكن تغييره كل سنتين وهو حسّن صحة التمثيل فيما القوانين المطروحة تؤدي الى ضرب صحة التمثيل وتفوق عددي على حساب تعددية لبنان”.
أي مس بالاحتياطي الالزامي ليس خطأ بل خطيئة
لفت قيومجيان الى ان ما تبقى من اموال من دون المس بالاحتياطي الالزامي هو فقط 800 مليون دولار، لذا المسألة أبعد من ترشيد الدعم والمطلوب معالجة طويلة الامد، مضيفاً: “للأسف أهدروا سنة كاملة منذ إستقالة حكومة الحريري من دون القيام بأي معالجة جديدة بل عمدوا لمعالجة سطحية عبر توزيع 400 الف ليرة وتوقفوا عنها لأنها كانت خاطئة”.
كما أشار الى أنه بدأ منذ آب 2019 ببناء شبكة أمان إجتماعي كوزير للشؤون الاجتماعية بناء على تحذيرات مما يتجه اليه الوضع في لبنان تبلغها في اجتماعات من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الذي كان سيؤمن قروضاً بفائدة رمزية مخصصة للعائلات الفقيرة.
تابع: “أتخوف من رغبة لدى البعض بالمس بالاحتياطي الالزامي وهذا سيشكل ليس فقط خطأ بل خطيئة لأنه يمس بما تبقى من أموال المودعين. المطلوب من السلطة التنفيذية ان تضع خطة بديلة عن هذا الدعم لضمان الحد الادنى من مقومات إستمرار الفئات الفقيرة. يجب ألا تكون معالجة الوضع القائم موضعية بل شاملة، وهناك مؤسسة كثيرة كالبنك الدولي وصندوق النقد والاتحاد الاوروبي مستعدة للمساعدة شرط ان تعرف الحكومة اللبنانية اي برنامج تريد إعتماده لتأمين استدامة الدعم”.
هناك نوعان من المساعدات المطلوبة
كذلك إعتبر أن على الوزارات مسؤولية كبرى لاقامة شبكة الأمان الاجتماعي والنظرة اليها يجب ان تكون شاملة وأردف: “التقشف واجب وترشيد الدعم يقضي عدم دعم جميع السلع وجميع الناس. كما يجب تطوير برنامج الاسر الأكثر فقراً الموثوق به دولياً”.
ورداً على سؤال، أجاب: “لا محسوبيات ولا زبائنية في برنامج دعم الاسر الأكثر فقراً، فآلية عمله تمنع ذلك وهامش الخطأ فيه منخفض. لكن حجم الفقر الذي تفاقم جراء الأزمة الحادة ماليا واقتصاديا واجتماعيا يستدعي العمل على برنامج شامل واستراتيجي”.
هذا، ولفت قيومجيان الى “أن هناك نوعين من المساعدات المطلوبة: مساعدات إنسانية فورية عقب انفجار المرفأ بدأت منذ 9 آب ولا تتم عبر الدولة إنما عبر جمعيات لها صدقية. أما المساعدات المطلوبة والجدية للبنى التحتية وإعادة إطلاق العجلة الاقتصادية فتنتظر تشكيل حكومة تحظى بثقة مواطنيها والدول المانحة والمستثمرين”.
تابع: “بعد ترشيد الدعم يتحسن الوضع لعدة اشهر، ولكن ماذا بعد؟ المطلوب تشكيل حكومة ذات صدقية تبدأ بتطبيق الإصلاحات التي تشكل شرطاً أساسياً لتقدّم الدول المساعدات للبنان ونضع البلد على طريق الانقاذ. على حكومة تصريف الاعمال مسؤولية يجب ان تتحملها بإنتظار تشكيل حكومة جديدة. عليها وضع خطة للدعم البديل، ترشيد او تخفيض الدعم. ربما يئس الرئيس الفرنسي ماكرون من السياسيين والمحسوبيات لكنه ملتزم بالدعم الانساني. كل الدول تمر بمشاكل وركود وجمود اقتصادي ولسنا المجتمع الأول الذي يمر بأزمة مماثلة ولكن مشكلتنا الا إرادة للنهوض من المشكلة”.
أضاف: “القيمة الشرائية لليرة انهارت كلياً وهناك مجتمع بكامله بحاجة للاهتمام والامر مختلف تماماً عما كنا نعيشه من سنة. نحن اليوم امام فقراء جدد كانوا الطبقة المتوسطة وهناك عائلات جديدة بحالة عوز بعد نقص قيمة الرواتب نحو 80%. نحن بحاجة لسيولة المجتمع الدولي ولا داعي للمكابرة ولا أرى بوجود السلطة القائمة خيراً”.
ختم قيومجيان: “الفساد ثقافة وتذاكي عند البعض للأسف، ولكن الوضع لم يعد يحتمل وعليه نطالب بالتدقيق الجنائي”.