دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك اليوم مجدداً إلى إنهاء التصاعد الحاد للعنف المميت في الضفة الغربية المحتلة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وحث على تطبيق المساءلة عن مقتل أكثر من 500 فلسطيني على يد قوات الأمن الإسرائيلية والمستوطنين.
فيومَ السبت، الأول من حزيران/ يونيو، قتلت القوات الإسرائيلية أحمد أشرف حميدات ذا الـ16 عاماً رمياً بالرصاص وأصابت محمد موسى البيطار الذي كان يبلغ 17 عاماً بجروح خطيرة قرب مخيم عقبة جبر للاجئين في أريحا. وتوفي البيطار في اليوم التالي. مقتلهما، إلى جانب مقتل أربع فلسطينيين آخرين على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية الإثنين، رفعا حصيلة القتلى الفلسطينيين منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر إلى 505 قتيل وفقاً للمعلومات التي قيّمتها مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان.
وفي الفترة نفسها، قُتل 24 إسرائيلياً، من بينهم ثمانية عناصر من قوات الأمن الإسرائيلية، في الضفة الغربية وإسرائيل في اشتباكات أو اعتداءات مزعومة من قبل فلسطينيين من الضفة الغربية.
“كما لو أن الأحداث المأساوية التي وقعت في إسرائيل ومن ثم في غزة على مدى الأشهر الثمانية الماضية ليست كافية، يتعرّض سكان الضفة الغربية المحتلة يوماً بعد يوم لسفك الدماء بشكل غير مسبوق. من غير المنطقي إطلاقاً أن يتم يُحصَد هذا العدد الكبير من الأرواح بهذه الطريقة الوحشية”، قال المفوض السامي.
وأضاف تورك: “إن القتل والتدمير والانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان غير مقبولة، ويجب أن تتوقف فوراً. على إسرائيل ليس فقط تبني قواعد اشتباك تتماشى تماماً مع قواعد ومعايير حقوق الإنسان المعمول بها، بل تعزيز تطبيقها كذلك. كما يجب التحقيق بشكل شامل ومستقل في أي ادعاء بالقتل غير المشروع ومحاسبة المسؤولين عنه”.
“إن الإفلات من العقاب على مثل هذه الجرائم أمر شائع منذ فترة طويلة جداً في الضفة الغربية المحتلة. وقد خلق هذا الإفلات من العقاب بيئة ملائمة للمزيد والمزيد من عمليات القتل غير المشروع على يد قوات الأمن الإسرائيلية. يجب احترام القانون الدولي وتطبيقه، كما يجب ضمان المحاسبة”.
الطفلان اللذان قُتلا في نهاية الأسبوع تم إطلاق النار عليهما من مسافة 70 متراً تقريباً أثناء هروبهما بعد رشق الحجارة و/أو قنابل المولوتوف باتجاه موقع عسكري خارج مستوطنة بالقرب من عقبة جابر، كما تظهر لقطات كاميرات المراقبة.
وقد دأبت قوات الأمن الإسرائيلية على استخدام القوة المميتة كملاذ أول ضد المتظاهرين الفلسطينيين الذين يرشقون الحجارة والزجاجات الحارقة والمفرقعات النارية على مدرعاتها، وذلك في حالات لم يمثّل فيها مَن تمّ إطلاق النار عليهم تهديداً وشيكاً للحياة. ويشير انتشار حالات وفاة الفلسطينيين عقب إطلاق النار عليهم في الجزء العلوي من أجسادهم، إلى جانب نمط منع تقديم المساعدة الطبية إلى المصابين، إلى نية القتل في انتهاك للحق في الحياة، لا إلى استخدام متدرج للقوة ومحاولة تهدئة الأوضاع المتوترة.
وقال المفوض السامي: “يبيّن التحقق من الوفيات والرصد المعمق لأكثر من 80 حالة من قبل مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان وجودَ انتهاكاتٍ مستمرةٍ للقانون الدولي لحقوق الإنسان عبر استخدام القوة من قبل قوات الأمن الإسرائيلية
والاستخدام غير الضروري وغير المتناسب للقوة المميتة وتزايد عمليات القتل المستهدف والمخطط له على ما يبدو. كما يبيّنان الحرمان أو التأخير المنهجي في تقديم المساعدة الطبية إلى المصابين بجروح خطيرة”.
“إن العنف الذي تمارسه قوات الأمن الإسرائيلية والمستوطنون الإسرائيليون، على خلفية حجم القتل والتدمير المستمرين في غزة، قد زرع الخوف وانعدام الأمن بين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة”، قال تورك.
وقد ارتفع عدد عمليات قتل الفلسطينيين على يد قوات الأمن الإسرائيلية، الذي كان قد بلغ مستويات قياسية في الأشهر التسعة الأولى من العام 2023، ارتفاعاً حاداً بعد الهجمات المروعة التي شنتها الجماعات الفلسطينية المسلحة على إسرائيل في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. فمنذ بداية العام 2024، قتلت قوات الأمن الإسرائيلية 200 فلسطيني تقريباً، مقارنة مع 113 قتيلًا في الفترة ذاتها في العام 2023 و50 قتيلًا في الفترة ذاتها من العام 2022.
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وعلى الرغم من غياب الأعمال العدائية المسلحة في الضفة الغربية المحتلة، نفّذت قوات الأمن الإسرائيلية ما لا يقل عن 29 عملية عسكرية شملت غارات جوية بطائرات بدون طيار أو طائرات حربية، وإطلاق صواريخ أرض-أرض على مخيمات اللاجئين وغيرها من المناطق المكتظة بالسكان. وفي سياق هذه العمليات، قُتل 164 فلسطينياً، من بينهم 35 طفلاً.