صدر عن جبهة التحرر العمالي البيان التالي:
مع تعمّق الأزمة الاقتصادية في البلاد التي تنعكس على كل القطاعات دون استثناء ودون أي تحرّك من قبل المسؤولين الذين عليهم يقع عاتق المعالجة، تبرز قضية صرف موظفين من المصارف بتزيد حالة الإحباط الواسعة وتهدّد مَن تبقّى في وظيفته، وكأنه لا يكفي أن أبواب الأمل موصدة بوجه أصحاب الودائع فيها، حتى يتم تحميل الموظفين نتائج الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها البلاد.
إنّ متطلبات زيادة الرساميل، ومواجهة خسائر توظيفات المصارف بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان لا يكون بصرف الموظفين ورميهم في العراء دون أي احترامٍ للقوانين والأنظمة، وعقود العمل الجماعية من دون أي وازعٍ أخلاقي وإنساني، بعد أن قدّم هؤلاء التضحيات الكبيرة، وسكتوا عن تآكل مداخيلهم وعدم رفع أجورهم، في وقتٍ كانت المصارف تكدّس الأرباح الكبيرة وتستفيد من الفوائد العالية على أموالها، ومن الهندسات المالية.
وتحذّر الأمانة العامة لجبهة التحرر العمالي من الغلو في تجاهل حاجات الناس ومطالبهم، وحرمان المستحقّين والفقراء منهم من أبسط وسائل الدعم والمضي في السياسات المالية، والاقتصادية، والاجتماعية الارتجالية التي تمارسها السلطة، وسياسة شطب الخسائر عبر اللجوء إلى طبع المزيد من النقد بالعملة اللبنانية، وذلك سيؤدي حتماً إلى ارتفاعٍ هائلٍ في نِسب التضخّم، وسيقضي على قيمة المداخيل وسيحوّل الفقراء إلى جياعٍ، وأبناء الطبقة الوسطى إلى فقراء، وهو سيحوّل الأزمة إلى معضلة مستعصية لا يمكن علاجها بالوسائل الإدارية والمالية العادية، ممّا يهدّد بانفجارٍ هائلٍ يطال ما تبقى من السيادة والاستقلال، والصيغة والدستور.
إنّ التلهي بالمحاصصة، واغتصاب المناصب، والتمنّع عن تشكيل حكومة إنقاذٍ وطني تمنع الانهيار الشامل، وتحد من الأزمات المعيشية الخانقة التي باتت تطبِّق بقسوة على رقاب اللبنانيين أصبح بمثابة جريمة موصوفة بحق الوطن وأهله، ولن يرحم التاريخ هذه الطبقة السياسية الفاجرة التي تقامر بكل ما تبقّى من معالمٍ إنسانية وأخلاقية في هذا الوطن المنكوب.
إن تحويل هذه الأزمة إلى فرصة أمام الحركة النقابية والعمالية للإنتفاضة، والوقوف بوجه هذا الفساد والفجور السياسي والمالي الغاشم يتطلب وقفة ضمير، وصدق ومسؤولية للدفاع عن آخر حصن، وآخر أمل، ببقاء لبنان وحماية حقوق فقرائه وعمّاله.