بعد صدمة حكم المحكمة الدولية.. من يُجيب على أسئلة اللبنانيين؟

تحت عنوان بعد صدمة حكم المحكمة الدولية.. من يُجيب على أسئلة اللبنانيين؟، كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: شكلت الصدمة الناتجة عن حكم المحكمة الدولية في قضية إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بإدانة شخص واحد هو سليم عياش، قاسما مشتركا بين فريقي 8 و14 آذار، فالأول لم يكن يتوقع أن يأتي الحكم مخففا الى هذه الدرجة بعد سنوات من الاتهامات والتهويل والتسييس وتصفية الحسابات، والثاني كان ينتظر حكما بإدانة واضحة تتلاءم مع حجم الجريمة، وحجم المستهدف، لكن حسابات المحكمة لم تتطابق مع بيدر الفريقين السياسيين.

من الواضح أن كل فريق سعى جاهدا الى الاستفادة من الحكم قدر الامكان..

فريق 8 آذار إعتبره صك براءة لحزب الله وسوريا وتعاطى مع الأمر بنوع من التهكم نظرا للانتظار 15 سنة ودفع مبلغ مليار دولار من جيوب اللبنانيين، فيما سارع فريق 14 آذار الى التعاطي مع الحكم بالسياسة، وإطلاق التحليلات التي برأيه تدين حزب الله الذي ينتمي سليم عياش إليه وبمركز قيادي، في وقت أطلق فيه اللبنانيون عنوانا جديدا لخلافاتهم يتعلق بتسليم عياش أو عدم تسليمه والمسؤولية التي تترتب على حزب الله في الحالتين.
المحكمة ترفع السيف المسلط على رقبة حزب الله.. ماذا عن سيف مرفأ بيروت؟
مقدمات نشرات الأخبار المسائية

وبغض النظر عن تعاطي من يعنيهم الأمر بحكم المحكمة، إلا أنه ترك سيلا كبيرا من الأسئلة تجول في خواطر اللبنانيين الذين يحتاجون الى إجابات عليها، أقله لمعرفة حقائق الأمور ولماذا دفعوا من حياتهم 15 عاما من التوترات الأمنية والصراعات السياسية وتبادل الاتهامات على خلفية جريمة الاغتيال، ثم دفعوا من جيوبهم نحو مليار دولار الى المحكمة الدولية التي عاش قضاتها وموظفيها والمتعاملين معها على حسابهم؟.

ومن أبرز هذه الأسئلة: هل إقتنع الرئيس سعد الحريري حقا بحكم المحكمة؟، أم أن ثمة تسوية دولية ـ إقليمية فرضت نفسها عليه؟ وإذا كان الأمر كذلك، ما الثمن الذي سيقبضه الحريري جراء ذلك؟، وما هي التنازلات التي سيقدمها حزب الله؟، وهل التضحية التي طلبها الحريري من حزب الله تتعلق بتسليم عياش للقضاء، أم بتسهيل تشكيل حكومة وفق رؤيته وطموحاته بصلاحيات إستثنائية؟.

ومن هذه الأسئلة أيضا: هل يليق حكم المحكمة بالرئيس الشهيد رفيق الحريري؟، وهل لرجل مثله بحجم دول أن يقتله شخص واحد من دون أن يدان من يقف خلفه أو من حرّض وخطط وساعد في التنفيذ؟، وهل المطلوب اليوم طيّ ملف إغتيال الرئيس الحريري كما طوى الاغتيال مشروعه السياسي؟، وهل دفنت قضية الشهيد تحت ركام مرفأ بيروت الذي بات لقضيته الأولوية محليا ودوليا؟!.

ثم بعد ذلك، هل يُعقل لمحكمة دولية من هذا الطراز أن تصل الى خلاصة حكم وصل إليه الرائد الشهيد وسام عيد قبل 15 عاما؟، وهل يعقل لمحكمة دولية أن تعتمد على التحليلات والافتراضات وتبالغ في إستخدام عبارات التشكيك في كثير من الوقائع؟، وهل دفع الرئيس سعد الحريري ثمن التخبط الذي رافق التحقيقات الأولية من شهود الزور الى الضباط الأربعة وتركيز التحقيقات على مسار واحد وفرضية واحدة تتعلق بسوريا وحزب الله؟، وهل ما وصل الى المحكمة الدولية من وثائق ومعلومات أفضى الى هذا الحكم الذي إعتمد بشكل أساسي على شبكات الاتصالات الملونة؟.

وكذلك، طالما لم تجد المحكمة الدولية أي دليل على تورط حزب الله وسوريا في إغتيال الرئيس الشهيد، فلماذا كانت كل هذه التوترات الأمنية في بيروت، من قطع طرقات وحصار السراي، ومواجهات في الأحياء وسقوط قتلى وجرحى، وحشد المناصرين في الساحات على خلفية تلك الاتهامات التي لم تثبتها المحكمة الدولية؟، ولماذا كانت جولات العنف في طرابلس التي إنطلقت ردا على قيام النظام السوري بقتل رفيق الحريري، ثم إنتقلت كرد على حزب الله وقتال مناصريه في المدينة؟، ومن يتحمل مسؤولية الدماء التي أريقت والأضرار التي نتجت عن 20 جولة عنف وجولات أخرى متفرقة؟، ولماذا كان كل هذا التجييش العاطفي والغرائزي والسياسي والطائفي والمذهبي في الاستحقاقات السياسية والمناسبات الانتخابية؟، ولماذا تم تعطيل البلد لسنوات من أجل قضية غير مكتملة العناصر ومحكمة لا تمتلك المعلومات والأدلة الكافية؟..

من الواضح أن الحكم أصاب كثيرين بخيبة أمل، وهو بدأ التأسيس لمرحلة سياسية جديدة، لكن من حق اللبنانيين أن يجدوا ردودا وأجوبة على تساؤلاتهم الكثيرة، خصوصا في ظل المطالبة باحالة قضية تفجير المرفأ الى المحكمة الدولية، فهل سننتظر 15 عاما مجددا ليصدر الحكم ضد مجهول؟، وهل كُتب على لبنان أن يصرف من خزينته على المحاكم الدولية التي بدا من قضية الحريري أنها لا تسمن ولا تغني من عدالةّ؟!.

You May Also Like

More From Author