كمال شاتيلا: مؤسف أن تكلف المحكمة الدولية لبنان مليار دولار كي تتحفنا بقرار إتهامي أشبه بتحليل سياسي ضعيف المبنى والمعنى

أبدى رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني كمال شاتيلا أسفه لأن تكلف المحكمة الدولية لبنان مليار دولار كي تتحفنا بقرار إتهامي أشبه بتحليل سياسي ضعيف المبنى والمعنى.

وقال شاتيلا في بيان: كثيرة هي النقاط في التحقيق الدولي وفي حيثيات قرار المحكمة الدولية الخاصة بقضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والتي تستوجب القراءة الدقيقة، لكننا نكتفي اليوم بذكر الوقائع التالية:

من الحيثيات التي ذكرها القرار الإتهامي أن المرحوم الرئيس رفيق الحريري قد طالب بخروج القوات السورية من لبنان، وبتحجيم دور حزب الله. لعل هذه المقولة هي أكبر ثغرات المحكمة الدولية، فالرئيس الحريري كان يتمتع بتأييد سوري منقطع النظير، إضافة إلى تأييد أميركا والسعودية له ولمشاريعه الاقتصادية، وقد ساعدوه على تفريغ أسواق بيروت من ملاكيها ومستأجري محلاتها بدون وجه حق، وفتح له السوريون كل الأبواب واعتمدوه ممثلاً وحيداً للطائفة الإسلامية السنية، وساهموا معه في ضرب القيادات الإسلامية السنية وعلى رأسها الرئيس الفاضل الدكتور سليم الحص. ولقد تولى عبدالحليم خدام تنفيذ سياسة معادية للعروبيين اللبنانيين وبخاصة نحن في المؤتمر الشعبي اللبناني وتيارنا العروبي، هذا الخدام الذي اكتشفت القيادة السورية فيما بعد أنه كان موالياً للأميركيين والحاضن الأول للمرحوم الرئيس رفيق الحريري وإلى أقصى الحدود، وكان يكرهنا إلى أقصى الحدود، مع أنني كنت قبل ذلك صديقاً للرئيس حافظ الأسد رحمه الله، وأتحدى المحكمة الدولية أن تأتي ببيان للرئيس رفيق الحريري يطالب فيه بإخراج القوات السورية من لبنان.

لقد حوّل السوريون الرئيس الشهيد من رجل أعمال إلى امبراطور بكل معنى الكلمة، والسؤال الأساس الذي تعلمناه في كلية الحقوق أن كل جريمة كبيرة ام صغيرة يلاحق المحقق السؤال الأساسي: لمصلحة من كانت هذه الجريمة؟ ومن المستفيد منها؟ الواقع أن إسرائيل ومعها الولايات المتحدة الأميركية كانتا المستفيدتين بالدرجة الأولى من هذه الجريمة المستنكرة لرجل كبير ومهم.

فإذا كانت المحكمة الدولية قد برأت قيادة حزب الله وسوريا من هذه الجريمة المنكرة، فلماذا لم تطرح المحكمة فرضية إتهام اسرائيل وأميركا واستبعدتهما من التحقيق؟ ألم يطرح المحقق الأول في هذه الجريمة ديتليف ميليس أن احد مصادره هي الموساد في صلب تقريره العلني، متهما سوريا التي برأها السيد سعد الحريري من هذه التهمة حين زار دمشق وقابل الرئيس بشار الأسد وقال لجريدة الشرق الأوسط أن اتهامه لسوريا كان إتهاماً سياسياً ولم يكن قانونياً.

وإذا كان الأميركييون منذ العام 1958 قد قرروا التخلص من التيار العروبي اللبناني المناوئ لسياساتهم، فإنهم يتحملون المسؤولية الأولى في قرار منفاي خارج بلدي عام 1984 بتخطيط وتنفيذ من عبد الحليم خدام

وغازي كنعان، إكراماً للرئيس الشهيد ليبقى وحده في الساحة، والذي لم يصدر أي بيان أو تصريح يطالب فيه بإخراج القوات السورية من لبنان ولا تهجم على حزب الله، بل إن تصريحاته المؤيدة للسوريين وبقائهم في لبنان لا تعادلها تصاريح حزب البعث السوري في لبنان. ولا ننسى أن الرئيس الشهيد أقام احتفال في قلب بيروت ليمنح غازي كنعان رئيس المخابرات السورية في لبنان مفتاح مدينة بيروت، ولم يخالف كما يعرف الجميع اي طلب سوري منه كبيراً كان أو صغيرا، وقد منح هو ونوابه أصواتهم للتجديد للرئيس إميل لحود، وهذا كان مطلباً سورياً يعاكس رغباته. أما مع حزب الله فقد كان صديقاً للسيد حسن نصرالله يلتقي معه بإستمرار، وكان الرئيس الشهيد في كل برامجه الحكومية يضع بنداً ثابتاً عن حق لبنان بالمقاومة ضد إسرائيل ويشدد على العلاقات المميزة مع سوريا، كما جاء في أحد بنود إتفاق الطائف.

إن من المؤسف أن تكلف المحكمة الدولية لبنان وعلى مدى خمسة عشر عاماً، مليار دولار حتى تتحفنا بقرار إتهامي أشبه بتحليل سياسي ضعيف المبنى والمعنى. فما هو موقف الذين يطالبون اليوم بتحقيق دولي بشأن تفجير مرفأ بيروت، وأين أصبحت أصواتهم بعد قرار المحكمة الدولية؟

إن المحكمة الدولية مع احتمال استئناف القرار وبقية الأمور سوف تستمر لوقت غير معلوم، ليستمر لبنان بدفع 50 مليون دولار سنوياً غير المليار دولار الذي أنفقتهم الخزينة ولم يتبرع رؤساء الحكومات السابقون نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وسعد الحريري بدولار واحد للمحكمة. لقد تاجرت قوى 14 آذار كثيراً بدم الرئيس الشهيد رحمه الله. وأعود الى السؤال الأساس لماذا لم تحقق المحكمة بفرضية تورط إسرائيل واميركا بعد أن برأت سوريا وحزب الله؟ من المستفيد من الإغتيال ولمصلحة من؟ أظن أن الصورة واضحة.

You May Also Like

More From Author