أحيا حزب “القوات اللبنانية” ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية خلال قداس حمل عنوان “العهد لكم”، في باحة المقر العام للحزب في معراب، برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ممثلا بالنائب العام على أبرشية جونية المارونية المطران أنطوان نبيل العنداري.
وحضر القداس، الى جانب اهالي الشهداء، عضوا كتلة “الكتائب النائبان سليم الصايغ ونديم الجميل، اعضاء كتلة “التجدد” النواب: اشرف ريفي، ميشال معوض، فؤاد مخزومي واديب عبد المسيح، النائب نعمت افرام، النائب غسان سكاف، اعضاء تكتل “الجمهورية القوية” النواب: ستريدا جعجع، جورج عدوان، غسان حاصباني، كميل شمعون، جهاد بقرادوني، انطوان حبشي، زياد الحواط، جورج عقيص، فادي كرم، ملحم الرياشي، غيّاث يزبك، ايلي خوري، الياس اسطفان، رازي الحاج، نزيه متى، غادة ايوب، سعيد الاسمر، ممثل بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك الاب باسيليوس غفري، ممثل بطريرك السريان الكاثوليك المونسنيور حبيب مراد، المطران غي نجيم، النواب السابقون: عثمان علم الدين، انطوان زهرا، عماد واكيم، فادي سعد، ادي ابي اللمع، انيس نصار، جوزيف اسحاق، ايلي كيروز، انطوان بو خاطر، الوزراء السابقون: مي شدياق، ريشار قيومجيان، جو سركيس، سليم وردة، الأمين العام لحزب “القوات اللبنانية” اميل مكرزل، ممثل قائد الجيش العماد جوزيف عون العقيد طوني معوض، ممثل المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان العقيد جان عوّاد، ممثل حزب الطاشناق لويس نادر، ممثل عن حزب الهنشاك آرام ماليان، وفد من الجبهة السيادية، نقيب المحامين ناضر كسبار، المحامي مجد بطرس حرب، والد الشهيد وسام عيد محمود عيد، ماري فريد حبيب، فضلا عن الفاعليات الدينية والسياسية والنقابية والاعلامية والاجتماعية والاقتصادية والحزبية وحشد من القواتيين.
وبعد تقديم التحية للإكليروس وللمطران نجيم، ألقى جعجع كلمة استهلها بالقول: “سأرحب عن غير عادة ببعض الاشخاص نظرا لخصوصية حضورهم: وفد حزب “الكتائب” النائبان سليم الصايغ ونديم الجميل، وهم رفاق القضية والنضال منذ زمن الى اليوم بغض النظر عن الطرق التي تختلف في بعض المرات، كما أرحب بالحليف الدائم النائب اشرف ريفي وكتلة “التجدد” ككل: النواب ميشال معوض، فؤاد مخزومي، أديب عبد المسيح، والانسان ابن الانسان وطن الانسان النائب نعمت افرام، الصديق الذي لم نتحالف معه يوما الا اننا نتفق معه في المبادئ النائب غسان سكاف”.
اضاف: “في الأمس فارقنا الصديق سمير الزغريني وهو قدوة في الأخلاق والعطاء، عمل دائما بصمت وناضل من خلال القلم والمنطق حتى اللحظة الاخيرة، وسيبقى قدوة لكل الشباب لنكون بالفعل “اجيال عم بتسلم اجيال”.
وتوجّه جعجع إلى شهداء حزب “القوات”، قائلاً: “رفاقي الشهداء، هذه السنة الـ32 التي نلتقي فيها بعد نهاية الحرب، وهذه السنة الـ32 التي ما زلتم وما زلنا نتعرض لأشنع وأبشع التهجّمات والأكاذيب والإشاعات، فهم حتى في غيابكم يخافونكم: يخافون من استشهادكم وبطولاتكم وحبكم والتزامكم بمجتمعكم ووطنكم ويخافون استقامتكم وتجرّدكم لأنكم على عكسهم تماماً، ولأنّ مجرّد وجودكم يكشف حقيقتهم البشعة، ففي وجودكم يكونون كالعتمة جنب النور، وفي وجود النور تتبدّد العتمة. حاولوا من اللحظة الاولى الغاءكم اذ لا قدرة لديهم للالتزام بالقضية مثلكم، ولا استعداد للتضحية من اجلها ومن المؤكد الا جرأة لديهم للاستشهاد في سبيلها، باعتبار انهم يرونكم في عيون رفيقاتكم ورفاقكم وفي ثباتهم في قضيتهم وفي صلابة مؤسستهم وقوة وثبات مواقفها، لذا يحاولون منذ 32 سنة تشويه صورتكم والغاء قضيتكم وضربها.”
وتساءل: “أيها الشهداء، ماذا فعلوا منذ ظهورهم في الساحة حتى اليوم؟ جوابي لكم: قاموا بانجازين رئيسيين: الاول، تمثّل حين تسلّموا حكومة كاملة الصلاحيات مكان رئيس الجمهورية سنة الـ1988، آنذاك كان لدينا منطقة استشهدتم مع غيركم من أجلها بالآلاف واصيب عشرات الآلاف من رفاقكم ومن جميع اللبنانيين حتى بقيت حرة رغم كل الأحداث والاحتلالات بين السنوات 1975- 1990، ولكن منذ لحظة دخولهم الى الحياة السياسية” طيّروا” المنطقة الحرة وشنّوا حربا علينا، بحجة إزالة السلاح غير الشرعي في أيام الحرب، كلّفت المجتمع الكثير الكثير، وانتهت في خراب ودمار وتهجير لم يشهد لبنان مثيلا له. اما الانجاز الثاني فلمسناه حين تسلّموا، الى جانب أكثرية، منذ العام 2016 الى الآن رئاسة الجمهورية كما بمجلس الوزراء، وكانت النتيجة خرابا كاملا وشاملا على اللبنانيين لم يروا مثله في تاريخهم، حتى في عزّ أيّام الحروب العالمية.”
واذ لفت الى ان “قسما كبيرا من اللبنانيين هاجر، والقسم الباقي ما زال هنا يعاني يوميا الأمرين على كل الاصعدة فقط ليبقى متشبّثا بأرضه وارث أجداده”، أكد جعجع انه “حتى هذه اللحظة، ورغم كل المآسي والخراب التي تسبّبوا بها، ما زالوا مستمرين في النهج التدميري ذاته لهدف واحد وهو “الحفاظ على مصالحهم الشخصية”.
اضاف: “يعطّلون تشكيل حكومة جديدة، ويتحضرون كما دائما لتعطيل الانتخابات الرئاسية، والأكيد المؤكد ان ذلك ليس من اجل طرح خطة إصلاحية معيّنة بل محاولة بالاتيان بجبران باسيل او “حدا من عندو” رئيس للجمهورية خلفا لميشال عون، والمؤسف أنهم يدّعون ان ما يقومون به بحجّة تحصيل حقوق المسيحيين، وهذه هي الكذبة الاكبر المستخدمة من قبلهم باستمرار وفي كل الظروف بغية تحقيق حقوقهم ومكتسباتهم الشخصية على حساب المسيحيين. في وقت لم يضر أحد بالمسيحيين أكثر منهم كذلك بحقوقهم وسمعتهم وصورتهم التاريخية ومدارسهم ومعاهدهم وجامعاتهم ومستشفياتهم واعمالهم واستثمارتهم وودائعهم المصرفية ونظرة الداخل والخارج اليهم، وما من أحد رفع نسبة هجرتهم و”كفّر كتار منّون بلبنان” كما ما من أحد أضرّ بالمسيحيين في المجالات كافة. هكذا نعيش منذ اكثر من 32 سنة، أكاذيب وغشّ وخداع وتغطية للسماوات بالقبوات، وإذا حاولنا كشف حقيقتهم يُقال لنا “هلكتونا كل الوقت عونيي وقوات، وقوات وعونيي”، وفي حال لم نفعل فعندها “عم نترك الفاجر ياكل مال التاجر””.
واستطرد: “فيا رفاقي الشهداء، من هذا المنطلق، حاولت في السنوات الماضية تجنّب قدر المستطاع الامور السوداء في ذكراكم البيضاء، ولكن هذه السنة شعرت انه حان الوقت ان اضع بعض النقاط على الحروف، ولو ان التاريخ لن يرحمهم. تأكدوا ان “الغد” سيضع نقاطا كثيرة وكبيرة لن تنتهي على الحروف وسينال كل صاحب حق حقه، وأكيد انتم ستكونون اصحاب الحق الأكبر. ففي نهاية المطاف “ما بيصح الا الصحيح”. نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة ليست سوى البداية: فبعد اسابيع “رح يطلعوا من القصر … ورح يطلعوا من التاريخ كمان”، باعتبار ان العهود” بتروح وبتجي ووحدو العهد لإلكون يا رفافي الشهداء باقي، لا بيروح ولا بيجي، كان الو بداية بس ما رح يكون الو نهاية.”
وتوجّه جعجع الى اللبنانيين قائلا: “لهم لبنانُهُم، ولنا لبنانُنا. بكل بساطة، ومن دون تحاليل ولا استنتاجات نظرية، ومن الآخر: لبنانهم هو لبنان محور الممانعة وحلفاؤهم، الذي نعيشه اليوم في التمام والكمال، بينما لبناننا فرأيناه وعشناه جزئيا في مرحلة إنتفاضة الإستقلال لأنّ محور الممانعة كان موجودا وذات تأثير بشكل أو بآخر، كما رأيناه كليّا في الخمسينات والستينات من القرن الماضي عندما كان لبنان ” سويسرا الشرق” وكانت البرامج الانتخابية لحكام سنغافورة، أنجح الدول في العالم حاليا، تقتضي بالتمثّل بلبنان، وحين كانت تعتبر المجلات العالمية ان بلدنا هو من أوائل الوجهات السياحية والاستثمارية في العالم.”
وشدد على ان “لبنانهم لبنان الفوضى والخراب والدمار والفقر واللادولة، فيما لبناننا النظام والعمران والتقدم والحضارة والبحبوحة، والدولة”، مضيفا: “لبنانهم طوابير الذلّ امام محطّات البنزين والأفران والدواء المقطوع والكهرباء والمياه المقطوعة ولبنان بعض الناس التي تفتّش مضطرة في النفايات عن قوتها اليومي، لبنانهم سرقة ودائع الناس والتصرف بها من دون معرفة اصحابها ولا إرادتهم، والتهريب “عا عينك يا تاجر” وتصنيع الكبتاغون والتجارة فيه، بالتكافل والتضامن مع النظام السوري. لبنانهم مصادرة قرار أكثرية اللبنانيين، ووضعهم امام مصير لا يريدونه من خلال مصادرة القرار الاستراتيجي للدولة اللبنانية والمعزول المنبوذ الذي تقتصر علاقاته الخارجية الفعلية على نادي دول العقوبات الدولية. لبنانهم “كلو بسبيل إيران وحزب الله بيهون ولو عا حساب الله والشعب اللبناني والدولة اللبنانية”، لبنانهم الدولة التي تتفكك والمؤسسات التي تنهار والتحالف مع أفشل الفاشلين، وأفسد الفاسدين وتغطية فسادهم، والمشاركة فيه” لحماية ضهر ما يسمّونه المقاومة، ولو انّو هالشي بيطقّ ضهر لبنان وضهر كل مواطن لبناني”.”
أردف: “في لبنانهم، شرعي التفاوض غير المباشر مع إسرائيل لترسيم حدودنا البحرية، ولكن خيانة وجريمة كبرى طرح التفاوض غير المباشر لترسيم حدودنا البرية، او حتى جريمة اكبر الطلب من صديقهم، وحبيب قلبهم وحامل لواء الحرية والإنسانية في الشرق بشار الأسد، وثيقة تثبّت هوية مزارع شبعا اللبنانية. في لبنانهم، كله نسبيّ، نسبةً لمصالح حزب الله، لا لمصالح الشعب اللبناني، لذا التفاوض غير المباشر مع العدو مشروع، أمّا التفاوض المباشر مع شقيقهم فغير مشروع لأنه يحْرُم “حزب الله “من علّة وجوده، ولو كان هذا التفاوض يعيد مزارع شبعا وتلال كفرشوبا للبنان. لبنانهم لبنان التفشيط الاستراتيجي، والمعادلات المنفوخة، والانتصارات غير الموجودة إلاّ للاستهلاك المحلّي، مكان الأكل والشرب، لبنان المراجل ليس في وجه احد في الخارج فعليا بقدر ما هو في وجه المعارضين في الداخل”.
تابع: “لبنانهم لبنان الضحك الدائم على الناس وتخديرهم بطروحات كبيرة جدا غير موجودة، كي يتلّهوا عن أوجاعهم ومصائبهم الكبيرة الموجودة، لبنانهم خسارة كل ما بنته الأجيال السابقة من جامعات ومستشفيات ومصارف لمصلحة معامل الكبتاغون والتهريب والتجارة غير المشروعة. لبنانهم “بيحمي وبيبني”: يحمي الفساد في الداخل ويبني جدرانا فاصلة مع الخارج، ودويلة على حساب الدولة.”.
جعجع أكد ان “في لبنانهم، لا دستور ولا ديمقراطية، ولا حتى هناك ناس، بل فقط يوجد “الله السلام عا إسمو،” كلّف احدا معيّنا، من دون اعلامنا نحن الشعب العادي حتى، لإدارة شؤوننا والاهتمام بها، على طريقته، “ولو غصب عنّا”. ففي لبنانهم للانسان خيارات عديدة ولكن كلّها للموت: فإمّا يموت فيه جائعا، أو “إذا كان طليعي فهمان” يمكنه اختيار الموت في الحرب، وهذان هما الخيارات ولا ثالث لهما”.
وشدد “رئيس القوات” على اننا “لن نقبل مهما حصل أي تغيير في وجه لبنان او في دوره ورسالته وهويّته، كما لن نقبل البتة ان يبقى بلدنا غريبا ومعزولا عن بيئته العربية او عن المجتمع الدولي، فنحن سنواجه أي مشروع يريد جره الى مكان لا يشبهه، ولا علاقة له لا بماضيه ولا بتاريخه، ولا بطبيعة أهله ويهدد وجوده ومستقبل شعبه. وبالتالي لن نرضى بطمس تاريخ لبنان من قبل أحد وتحويره ليتناسب وإيديولوجيته ونظريّاته، او ان يتلاعب بالخصوصية اللبنانية ويقفز فوق حقائق التاريخ والجغرافيا. تاريخ لبنان لم يبدأ من 40عاما بل من آلآف السنين، انطلاقا من هنا، نؤكد ان لكم لبنانُكم الغريب عن لبنان وعنّا ايضا وعن تاريخنا، وهو غير قابل للحياة، ولنا لبنانُنا، الذي عمره من عمر الزمن، وباق باق باق مهما طال الزمن”.
وفي ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية وفخامة الرئيس بشير الجميل، قال جعجع: “بالحقيقة، “ما بتلبق لحدا غيرو”، إرفعوا أيديكم عن رئاسة الجمهورية، إرفعوا أيديكم عن اللبنانيين، إرفعوا أيديكم عن لبنان. فشعبنا في الوقت الراهن يعدّ الايام، يوما بعد يوم، لحظة بعد لحظة، لينتهي العهد الحالي، في الوقت الذي يحنّون فيه للعشرين يوم ويوم من عهد بشير الجميّل و”القوات” ويتمنّون لو يعيشونه من جديد، رغم مرور 40 سنة”.
وتوجّه الى اللبنانيين، قائلا: “نحن امام استحقاق رئاسي مصيري وحاسم بين البقاء في الأزمة أو بداية خروجنا منها: اي امّا البقاء في النفق والموت في جهنّم تحت الأرض، أو الخروج منّه نحو الضوء والنور والحياة. من هذا المنطلق: لن نقبل بست سنوات شبيهة بالتي مرّت ولن نرضى برئيس منهم، بل نريد رئيسا قادرا على تغيير كل ما عشناه في هذا العهد وكسر المعادلة التي ارسيت بسبب حكمهم. “بدنا رئيس بيعمل عكسن”، فيكون ممثلا فعليا للشرعية، وغير خاضع لميليشا غير شرعية خاضعة لدولة خارجية، “بدنا رئيس” يدافع عن سيادتنا ويستعيد لنا كرامتنا ويعيد القرار الاستراتيجي للدولة بدل ان يساعد في ابقائه خارجها، “بدنا رئيس” يكون إصلاحيا لا متفرّجا على الفساد و”ياخود لحسة او لحسات منو” ويحارب بكل قوته من أجل إصلاح مؤسساتنا واقتصادنا لا تعطيلها، “بدنا رئيس قادر يقول” لأ” ” مهما كانت صعبة من دون خوف على مكتسباته او رأسه او رأس وريثه وولي عهده”.
اضاف: “نريد رئيسا قويا، ولو ان البعض يعتبر ان نظرية “الرئيس القوي” قد سقطت، فالرئيس الحالي ليس رئيسا قويا بل اضعف رئيس في تاريخ لبنان، باعتبار انه خاضع وخانع، وقد ضحّى بشعبه ووطنه خدمة لمصالحه الشخصية. نريد رئيس مواجهة، ليس في وجه اللبنانيين، بل في وجه كل من نغّص حياتهم، ولو ان البعض يعترض بأعلى صوته ويطالب بـ”رئيس تسوية” يجمع الكل حوله، على الرغم من ان وضعنا اليوم نتيجة هكذا منطق ونتيجة حكومات الوحدة الوطنية المزيّفة ورؤسائها والتي أدت بدورها الى حالة وحدة وطنية مزيّفة قوامها الفقر، والتعتير، والشحادة، والعوز”.
واشار الى اننا “في حالة وحدة وطنية تفكك مؤسسات الدولة في كل المناطق وعند كل الناس، بالمستوى ذاته، كما اننا في حالة وحدة وطنية بالهجرة من لبنان، فجميع ابنائنا يهاجرون وطنهم وليس فقط مجموعة معيّنة، كذلك نحن في حالة وحدة وطنية “بس بكل شي سلبي وسيّء ومدمّر”، وبالتالي منطق استعمال الوحدة الوطنية في غير إطارها الصحيح هو ما اوصلنا الى هذا الوضع الذي يحتاج “قلب المعادلة” للخروج منه.”
واذ ذكّر الجميع أنّ “أكثر مرة تجلّت فيها الوحدة الوطنية الحقيقية كانت عندما تحدى اللبنانيون السلطة ونزلوا الى الساحات والشوارع من طرابلس والعبدة، الى صور والنبطية وزحلة وبعلبك، وصولا الى جونيه وبيروت”، أكد جعجع اننا “نريد رئيسا يتحدى الواقع المذري الذي نعيشه، لا رئيسا وسطيا بين مشروع الخراب والدمار من جهة ومشروع الإنقاذ المطلوب من جهة أخرى”.
ولفت الى اننا “بدنا رئيس يتحدّى” كل المفاهيم المتبّعة حاليا في الدولة، “بدنا رئيس يتحدّى” الفساد والفاسدين، بشكل علني وواضح وحاسم، ويحارب كل من يعرقل مسيرة الدولة في لبنان و”كل مين بيسترجي يمدّ إيدو عا لبناني تاني”، “بدنا رئيس يتحدى” التهريب والمهربين وأصحاب معامل الكبتاغون في لبنان وجميع من يغطيهم ويحميهم، “بدنا رئيس يتحدّى” كل من تسوّل له نفسه اتخاذ قرار سيادي واحد بدلا من الدولة، إن كان قرار حرب او سلم او قرار يتعلّق بالسياسة الخارجية. اذا، نريد رئيسا يقول بأعلى صوته: “على الجميع ان يدركوا، ان في الداخل او الخارج، اننا بتنا من اليوم في مرحلة جديدة، وابتداءً من هذه اللحظة، صار لدينا رئيس فعلي “من أول وجديد” سيناضل بكل قوّته لاحياء الدولة في لبنان””.
وقال: “بعد كل ما مررنا به، اذا لم نرغب بشكل مباشر وعلني وواضح ان نتحدّى الفساد، لإزالته من الدولة، وان نواجه كل من يحاول ان “يستوطي حيط الدولة” ويصادر صلاحياتها، وكل من يساهم في استمرارنا في جهنّم. وإذا لم ننتفض ونتحدَّ واقعنا للخروج منه، عندها سنكون، لا سمح الله، شعبا غير جدير بالحياة، الامر الذي لا ينطبق علينا وعلى من نمثّل. من هذا المنطلق، وبأعلى صوت ننادي اننا نريد رئيسا يتحدّى كل من اوصلنا الى هنا وكفّ يده عن مصالح الناس للبدء بمسيرة الانقاذ، وهي الخلاص الوحيد للبنان، بعد ان وصلنا الى مرحلة الغرق اي “صار بدا رئيس إنقاذ””.
ورأى ان “عملية الانقاذ لن تتحقق الا برئيس مواجهة انقاذي، وهنا تقع المسؤولية كاملة على المجلس النيابي الذي سينتخب رئيسا جديدا للجمهورية، علما انه حان وقت تحديد المسؤوليات بشكل دقيق وواضح، بعيدا من العموميات والتعميم وتجهيل الفاعل، كما دائما، والتهرّب من المسؤولية”.
واوضح ان “البعض كي يتهرب من مسؤولياته يعتبر ان الاستحقاق الرئاسي اللبناني مرتبط بتوازنات المنطقة وبمفاوضات الملف النووي في فيينا ومتعلّق بالحوار السعودي- الإيراني في بغداد، والى ما هنالك من نظريات خنفشارية اكل الدهر عليها وشرب. ولكن الحقيقة ان الانتخابات الرئاسية لا تقررها إرادات خارجية، كما انها ليست نتيجة معادلات إقليمية ودولية، بل هي نتاج إرادة داخلية وطريقة تصويت الـ128 نائب في البرلمان اللبناني”.
جعجع جدد التذكير بأن قسما كبيرا من اللبنانيين تصرّف بكل مسؤولية وأدى دوره على افضل ما يكون وانتخب للسيادة والتغيير والاصلاح والانقاذ، لذا باتت الكرة اليوم في ملعب نواب الأمة، ونحن منهم، وقد وصلنا جميعا بأصواتهم وينتظرون منّا نتيجة عملية تبدّل واقعهم المؤلم والمذل وليس الاكتفاء باختيارهم لنا واعلامهم بما يرغبون بسماعه مجددا، دون ان نغيّر ولو شعرة من واقعهم الأليم، فـ”الناس شبعت حكي، بدّها افعال”.
وأشار الى ان “المجلس الجديد يتضمن فئتين من النواب: نواب محور الممانعة، بكل انواعه وأجناسه من “حزب الله”، لـ”التيار الوطني الحر” وما بينهما، وهذه الفئة لا ننتظر منها في الاساس اي شيء لأنها “أصل البلا” وسبب الأزمة، بينما الفئة الثانية من النواب على مختلف انتماءاتها الحزبية او الفكرية فهي التي ليست من ضمن محور الممانعة، وهذه بحد ذاتها نقطة إنطلاق جيدة، وما يجمعها ان لديها التشخيص نفسه للأزمة الحالية والنية لايجاد الطرق المناسبة لاخراج الشعب اللبناني منها. لذا تتحمّل هذه الفئة من النواب، التي تعدّ خارج محور الممانعة، مسؤولية التنسيق في ما بينها لإيصال رئيس إنقاذي فعلي للبنان، وبالتالي ان عدم وصول هذا الرئيس الى سدة الرئاسة، لا سمح الله، يعود اليها”.
من هنا، توّجه جعجع الى هؤلاء النواب، قائلا: “”يا إخوان، الناس ما انتخبونا لسود عيوننا، ولا تا نقضي كل النهار حكي حكي ونظريات من دون ما نغيّر شي بمأساتن اليومية”، فالإنتقادات التي في مكانها ضرورية، لا بل يجب ان تكون كمقدّمة لعمل معيّن يستطيع تحقيق بعض التغيير في أوضاع الناس المأساوية، الا ان الاستمرار في الانتقادات والكلام من دون الانتقال الى تنفيذ خطة عملية انقاذية واضحة يبقى مجرّد “ضحك عالناس”، وتلاعب بمصيرهم ومراهقة سياسية في الوقت الذي يغرق فيه المركب وكل دقيقة تأخير تكلّفنا حياة شعب ومصيره”.
“رئيس القوات” الذي شدد على ان “الخطوة الاولى على طريق الإنقاذ هي ايصال رئيس جمهورية إنقاذي”، توجّه الى “كل الكتل النيابية المعارضة: كتلة اللقاء الديمقراطي، كتلة حزب الكتائب، كتلة النواب التغييريين، كتلة نواب الشمال “الاعتدال الوطني”، كتلة التجدُّد، كتلة نواب صيدا، كتلة وطن الإنسان، وللنواب المستقلين الآخرين فرداً فرداً”، بالقول: “مسؤولية ايصال الرئيس مسؤوليتنا، وبالتأكيد “مش حيالله رئيس”، رئيس إنقاذي، ماذا وإلاّ نخون الأمانة”.
أضاف: “نحن كتكتل “الجمهورية القوية”: قوات لبنانية، وطنيين أحرار، ومستقلون، نعدّ أكبر كتلة في المجلس النيابي، ونتمتع بالتمثيل المسيحي الأكبر، ورغم ذلك اعلنّا منذ اللحظة الاولى اننا غير متمسكين بأي شي، لا بل نحن مستعدون للتضحية بكل شي، شرط ان يتجمّع كل فرقاء المعارضة حول مرشح إنقاذي واحد للوصول الى سدة الحكم، ولكن في حال لم نسلك هذا الطريق فعندها “منكون خنّا الأمانة الشعبية”، وانا اعني ما اقول، وبالتالي عرقلنا مهام نيابتنا بإيدينا للسنوات الاربع المقبلة وساهمنا في الكارثة المستمرة في البلد”.
كما اعتبر انه “لم يعد يفيد الاستمرار في مهاجمة المنظومة الحاكمة ولا لعن الساعة التي اصبح فيها ميشال عون رئيسا ولا مهاجمة محور الممانعة على تصرّفاته الطائشة الفاسدة ولا التنظير بالحراك الثوري وجنس الملائكة والطبقة 17 في الفضاء العالي عن النقاء الثوري وضرورة تعليم نظريات النشوء والارتقاء في صفوف الحضانة في لبنان، لان كل ما وعدنا به اللبنانيين لن يثمر اذا لم نترجمه عملا فعليا فعّالا على الأرض، من خلال إيصال رئيس جمهورية إنقاذي يوقف كلّياً ممارسات المنظومة الحاكمة، ويبدأ صفحة جديدة في حياة الدولة اللبنانية وشعبها”.
واوضح انه “بدلا من الاستمرار في لعن ظلام المنظومة الحاكمة ومحور الممانعة، من الاجدى اضاءة شمعة صغيرة، فكيف بالحري إذا كان هناك من إمكانية لاضاءة شمعة كبيرة تتمثّل بانتخاب رئيس إنقاذي يبدد ظلمة الحقبة السابقة ويعلن انبلاج فجر جديد”.
وجددّ جعجع التأكيد لنواب المعارضة على مختلف تلاوينهم “وجوب التقاط الفرصةَ المتاحة الآن، كي لا نكون مسؤولينَ عن بقاءِ بلدِنا وشعبِنا في قعر جَهَنّم، فالتاريخُ لن يرحمَنا، وهناك البكاءُ وصريرُ الأسنانْ.”
وتطرّق جعجع الى جريمة انفجار مرفأ بيروت، وقال: “مهما مرّ الزمن لن ننسى، ولو بعد 5 و10 و20 سنة لاننا حزب آلاف الشهداء، لن ننسى الـ220 شهيدا واهلهم، من بينهم شهداء فوج اطفاء بيروت، كذلك لن ننسى آلاف الجرحى الذين اصيبوا، ومن بينهم العشرات من أصحاب الإعاقات الدائمة وآلاف العائلات التي تدمّرت بيوتها واصبحت بين لحظة واخرى لاجئة مشرّدة في بلادها. وطبعا، لن ننسى آلاف اللبنانيين الذين فقدوا أرزاقهم ومصدر عيشهم حتى باتوا متّكلين على عطاءات الجمعيات الإنسانية، كما لن ننسى الصدمة النفسية الهائلة التي ألمّت بأهالي العاصمة والجوار وأكثرية اللبنانيين، وهذا غيض من فيض لتبعات ونتائج إنفجار بيروت”.
واستطرد: “ولكن أكثر ما لا يمكن نسيانه في جريمة الانفجار، رغم عدد الضحايا والمصابين والمتضرين، وحجم الإنفجار وأضراره المباشرة وغير المباشرة التي حوّلته الى حدث عالمي ورغم هذه الصورة المأساوية القاتلة القاتمة، ان البعض يتمتّع بما يكفي من قلّة الإحساس والشعور والضمير والكثير من الفجور تجعله يسخّف الجريمة منذ اللحظة الاولى ويعتبرها مجرّد حادثة، كي يتدخل بشتى الوسائل المعقولة وغير المعقولة من اجل عرقلة التحقيق بحجة الاستنسابية”.
ولهؤلاء، سأل جعجع:”ما أدراكم ان التحقيق يجري باستنسابية، ولا سيما أنه سريّ؟ ولو سلّمنا جدلاً، فقط لغايات البحث ليس إلاّ، أنّ التحقيق غير دقيق مئة في المئة، فنتائجه ستظهر في وقت من الاوقات من خلال قرار ظني يتحوّل الى المجلس العدلي الذي يضمّ أرفع 5 قضاة في الدولة اللبنانية، فضلا عن ان المحاكمات ستكون علنية، وليس كما في زمن الوصاية السورية، وسيكون لكل متهم محامٍ أو أكثر، ولكن كما يقول المثل اللبناني: “”يللي في مسلّة تحت باطو بتنعروا”. ويبدو ان هذه “المسلّة” نعرت البعض الذي استعمل، وما زال، كل الوسائل الممكنة وغير الممكنة لعرقلة التحقيق”.
واذ جزم لهذا البعض بانه “مهما سعى واجتهد وتعب لعرقلة التحقيق وتأخير كشف الحقيقة لبعض الوقت الا انه لن يستطيع في نهاية المطاف طمسها او تعطيلها الى ما لا نهاية لأنها أكبر من ذلك بكثير”، اشار “رئيس القوات” الى أن “القوات اللبنانية” تقدّمت بعريضة الى مجلس حقوق الإنسان العالمي التابع للأمم المتحدة، لتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية بإنفجار المرفأ، نظراً للضغوط الهائلة التي يتعرّض لها القضاة المولجين بالتحقيق وقسم كبير من الجسم القضائي”.
جعجع الذي ذكّر بأن “القوات” كانت قد تقدّمت بطلب مماثل على أثر الانفجار من مكتب الأمين العام للأمم المتحدة، لأنها منذ البداية شعرت بحجم الضغوط التي ممكن ان يتعرّض لها التحقيق المحلي، ما حصل فعلا، قال: “لعيون الأشرفية، الرميل، المدوّر، الصيفي، الكرنتينا، المرفأ، برج حمود، الجديدة، وكل أحياء وبلدات شهداء وضحايا المرفأ، ومن اجل عيون بيروت وكل لبنان لن ننسى مهما طال الزمن” .
وتوجّه الى الشهداء والرفاق في النضال بالتأكيد ان “المواجهة مستمرة من أجيال وأجيال، فنحن ضمن هذه المنطقة في قلب صراع لا ينتهي وفي خضمّ بحر لا يهدأ، فيما نحن ايضا لن نهدأ”.
اضاف: “اللبنانيون اعطوا “القوات” ثقتهم وامانيهم واحلامهم عبر اكبر كتلة نيابية في المجلس النيابي، لذا كما واجهنا عندما منحونا في السابق وزنات أقل سنستمر اليوم في المواجهة، الا اننا هذه المرة لسنا بمفردنا بل يتقدّمنا صرح وطني تاريخي كبير تميّز دائما بمواجهته من أجل لبنان، كل لبنان. من هنا نفهم تماماً الرسالة التي حاول البعض ارسالها من خلال توقيف سيادة المطران موسى الحاج، وهذه هي المرة الاولى في تاريخ لبنان التي نشهد فيها توقيف رجل دين، من كل الأديان، بهذا الشكل وهذه الطريقة، ومن دون اي مسوّغ قانوني او عملي. ولكن كما اتت النتائج التي اعطتها رسائل جمال باشا السفاح وسلطة الوصاية السورية بعده، ستكون نتائج هذه الرسالة، لانه وباختصار “بكركي هيي يلي بتوجّه الرسائل، بكركي ما بيتوجّهلا رسايل”.
أردف: “ظنّ البعض انّ” القوات” كحلفائه تخاف من أحد من هنا او تتجنب أحدا من هناك، تفتّش عن مصلحة من هنا وكرسي من هناك سعيا للمكاسب وكأنها مثلهم مستعدة لتعطيل وتدمير كل شيء تمسّكا بالكرسي، الا ان هذا البعض نسي ان “القوات” ولدت تحت الرصاص عندما لم يكن هناك لا سلطة، ولا كراسي، ولا مناصب، كي تدافع عن لبنان من قلب المأساة والمعاناة، وهي ستبقى “قوات” كل اللبنانيين مهما اقتادوا الى بلادنا الويلات والدمار وجرّوها الى الانهيار كي تناضل مع جميع المخلصين لولادة لبنان جديد من قلب الدمار والانهيار الحالي.”
وختم: “رفاقي الشهداء، العهد كل العهد لكم وليس للذين دمّروا لبنان او لسارقيه او للورثة الذين يسعون الى وراثته من دون جهد وتعب، بل العهد للبنانيين الذين يكافحون بعرق جبينهم ولمن ضحّى وتعب وسهر واعطى من كل قلبه وما زال يتأمل بغذ أفضل. العهد للشجعان الأقوياء بنفوسهم والسياديين الشرفاء وللفعلة المستقيمين، وليس للمنبطحين والمستسلمين والمسلّمين البلاد من اجل حفنة من المكاسب والدولارات او للساعين بطرق ملتوية للغنى والسلطة على حساب دم الشعب وروحه. رفاقي الشهداء، لا تظنن ان هناك عهدا فعليا من دونكم ومن دون القضية التي حملتموها، وإذا لبنان وصل الى هذا السوء فلأن العهد كان لغيركم ومن دونكم، لذا عهدنا لكم ان نبقى على عهدكم ودربكم لنسترجع العهد للبنان.”
بعد الانجيل المقدس، تلا المطران عنداري عظة تحت عنوان “وأقيم عهدي معكم”، استهلها بالقول: “إنتدبني صاحب الغبطة والنيافة، مار بشارة بطرس الكلي الطوبى، وكلّفني الاحتفال بهذا القداس الالهي السنوي لراحة أنفس شهداء المقاومة اللبنانية الذي يحمل عنوان “العهد لكم”. العهد للشهداء بالوفاء لشهادتكم وتضحياتكم وبإكمال المسيرة والتمسّك بالايمان والارض والجذور. ومعلوم ان العهد والوعد هما من القيم، لا بل من الفصائل في مجتمعات عالمنا. فالعهد ينشيء رابطا ملزما، هو الوصية والوعد اليمين، وعد المعاهد المؤتمن على القضية الذي قطعه العهد ملتزما ومشؤولا بتحقيقه بحسب القول المأثور: “وعد الحرّ دين”.
اضاف: “يذكّرنا العهد بوعد الله للانسان عبر الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد فالله أمين في عهوده وبار في وعوده. فعهد الله مع ابراهيم، اب المؤمنين، جعل منه اسما عظيما، ونسلاً كبيرا، وأباً لأمم كثيرة. عهدٌ ابديٌ لا يلغى، قطعه الله في صالح الانسان، عهدٌ قوامه النعمة. وتجدد هذا العهد في ملء الزمان مع ارسال الابن الوحيد، يسوع المسيح، عمانوئيل، ليكون الهنا معنا يتوّجُ عهدَ النعمة بأبعاد الفداء والخلاص. ولقد أسّس السيد المسيح العهد الجديد بدمهِ في العشاء الأخير، ليلة آلامه، بعدما بارك وكسرّ الخبزّ، ثمّ أخذ الكأس وشكر قائلا: “اشربوا منها كلكم، فهذا هو دمي، دم العهد الجديد يراق من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا. فالعهد الجديد بدم الحمل هو عربون القيامة وزرع المجد. فساعة المجد تمرّ عبر الصليب. وفي عشاء العهد والوعد كان على يسوع ان يجابه قوى الشر كي ينتصر عليها.”
ولفت الى ان “عهدَنا في لبنان نريده وطناً فريداً لا منفرداً ولا مستفرداً، إن تاريخ لبنان منذ بدايته حتى اليوم هو تاريخ شعب يناضل باستمرار من اجل المحافظة على كيانه وسيادته وخصوصيته الذاتية، وهويته اللبنانية المميزة. فالتاريخ لا يعالج بالولولة ولا بالبهورة ولا بالاستقواء. لا بدّ في هذه الأيام، وسط المعاناة، من التأكيد على سلوك وطني جديد من أجل عهد جديد. وهذا يعني ان الجمهورية هي مسؤولية جمهور المواطنين. فاذا كانت المسؤولية هي فقط مسؤولية الحاكمين واصحاب المال فهؤلاء يعملون على استمرار كل ما يحافظ على امتيازاتهم. واذا كانت المسؤولية فقط بيد الطبقات المحرومة فهي تصل بنا الى منطق الصراع والعنف، وفي الحالتين هدما للسلوك السياسي الذي يجب ان يكون عقلانيا مبنيا على الاخلاق والضمير وقمي السيادة والحرية، بعيدا عن كل استقواء وفساد.”
تابع: “يقول الجنرال ديغول: “التاريخ ليس كلمات وليس قدراً. إنه ارادة رجال. إنه فعل، إنه مستقبل، إنه صمود وخلق مستمر”. أجل نحن في التاريخ نصنع التاريخ, آباؤنا وأجدادنا صنعوا لنا تاريخا مجيدا حافلا بالمبرات وان كان فيه بعض شوائب. ولكن نحن ايّ تاريخ لبنان للبنان نصنع، ونحن بحاجة، في هذه الأيام، أكثر ما يكون، الى إعادة تأهيل للطبقة السياسية منذ عهد الوصاية الى يومنا. بحاجة الى موقظ للضمير، مرشد في الحيرة، ملاذ في التيه، كي يصبح مُجتَمعُنا مجتمعاً يسود فيه الضمير ووطننا يحاكي الضمير؟”.
وشدد العنداري على انه “اذا أردنا الجمهورية اللبنانية، جمهورية لبنان الكبير، تجسيد حلم الآباء والأجداد، الوديعة الغالية، وإرث الأجيال، نحن بحاجة الى رجل دولة يرأس، يقود ولا يقاد، يوحّد الوطن، رئيسُ حَكَم يعلو فوق المحن، ينتشل لبنان من اللُجّة، لا تنكّس له راية، ولا تنحني لغير الله هامة. فاعرفوا ايها النواب من تختارون وتنتخبون. لا يريد شعبنا ان يأتي عهد جديد بالتسكع والتملّق. يكفينا ما رأينا من الفولكلور المزري بالرئاسات حتى الآن. ثوابتنا تشبّثا بمكتسباتنا الحضارية، وتراثنا الفكري، وتفاعلنا مع الارض والزمان. نحدد بكامل حريتنا ومطلق ارادتنا وعلاقاتنا الخارجية، وقراراتنا المصيرية النابعة من اعتباراتنا الوطنية الصرف. فلا مسايرة في المبدأ وعلى الجوهر، ولا مساومة.”
وأكد اننا “لا نقبل في وطننا بزاوية للمسيحيين، ولا بزاوية للمسلمين، بل نصرّ على وطن الرسالة، على مدّ الجسور بين المواطن والوطن، وطن للجميع، وطنٍ واحد يعتمد اللامركزية الادارية الموسّعة. لا إحتكار ولا جشع ولا رياء، بل تأكيد على الارتباط بالانسان والأرض. بتعبير آخر، لا نريد تسوية مصطنعة. كفانا تسويات ومراوغات في شأن التوطين والنزوح وغير ذلك. من تُراه يدحرج لنا الحجر عن باب القبر؟ المسألة ليست مسألة صيغ ونصوص ومواثيق ودساتير وأنظمة وقوانين انشائية لا تحترم.”
واعتبر ان “المسألة هي مسألة الانسان في لبنان. إنسان يعرف، يسائل ويحاسب، يريد، يؤمن، يحبّ، يبني، حرّ وغير مرتهن، أمين ووفي لوطنه، وله كرامته. إنها المواطنة الصحيحة والسليمة، مسألةُ تربيةٍ وأخلاق وحسٍّ مدني ورؤيا للتعافي تنعش الاقتصاد وينقذ من الانهيار المتمادي، تبعد الجوع والقهر وطوابير الذل. بعيدا من التسلّط والانتهازية والمصلحية والعشائرية، والغطرسة الفوقية والفجور والتخوين.”
وقال: “أيها الآتي الى العهد الجديد، أياً كنت: مواطناً، موظّفاً او مسؤولا، قاضياً او نائباً او وزيراً او رئيسا، لن يُذلَّ بعد اليوم مواطنٌ لبنانيٌ شريف، ولو تألّبت عليه قوى العالم جمعاء. لن تموت أمّة تنجب الشهداء وفي تربتها يخصب الفداء. إقطع عهدا للبنان الغد، لبنان الكبير المستقل، لبنان الوطن لا لبنان المزرعة، لبنان السيادة والحياد لا لبنان المحاور، لبنان الحرّيّة، لبنان المؤسسات التنظيمية، لبنان النزاهة لا الفساد، لبنان القاضي المستقلّ وغير المرتهن في الاحكام التي يصدرها وفق مصالح من عيّنوه، لبنان الحياة، لبنان الفرح. وبحسب تعبير جبران خليل جبران: لبنان الفلاحين والرعاة والكرّامين والآباء والرجال والبنائين والشعراء الذين يتغلّبون على محيطهم، يولدون في الأكواخ ويموتون في قصور العلم. ونقول لك، أيها الآتي، إن الكأس التي نشربها نحن سوف تشربها انت.”
وختم مسترجعا “قولا للسيد المسيح: “كلّ مملكة تنقسم على نفسها تخرب”، ونقول مع حزقيال النبي: ويلٌ لرعاة يرعون أنفسهم. اللهم أنر منا العقول والضمائر، واحم لبنان بشفاعة سيدة لبنان”.
وعاون المطران العنداري لفيف من الكهنة، وخدمت القداس جوقة سيدة اللويزة برئاسة الاستاذ جهاد زيدان. وقد تلا الرسالة الامين المساعد لشؤون الانتشار النائب السابق عماد واكيم، فيما رفعت رئيسة جهاز تفعيل دور المرأة في “القوات” سينتيا الاسمر الصلاة عن نية الكنيسة، وقالت: “بروح كنيستنا أمنا وأم الجميع، وبطريركنا واب الجميع، لأنه يعرف كيف يحافظ على الرعية ويرفع صوت الحق وعصا الـ”لأ” ، وكنيستنا التي لا تنام هي حامية الوطن وحارسة الضمير، نصلي يا رب كي تبقى انت الكلمة التي تنبض دائما وابدا في قلب الآباء والكنيسة بمختلف اغصانها، وحتى يبقى سيدنا مار بشارة بطرس الراعي ممثَّلاً اليوم بسيادة المطران أنطوان نبيل العنداري، على خطى البطاركة الكبار، بطريرك الشراكة والمحبة والكرامة، وحتى تبقى الكنيسة منارة هداية، وليست ممرا للإهانة والتخوين. اليك يا رب منصلي.”
وتلا رودولف فرجالله من جهاز الكوادر نية لبنان، وقال: “لبنان وقف الله، لبنان الأرض التي مشى عليها السيد المسيح وشفى المرأة الكنعانية في صيدا، لبنان يتعرّض اليوم للجلد والإهانة في ظل وجود أكثر من بيلاطس، واكثر من فريسي، لبنان اليوم يخيّرونه بين الموت البطيء الذي لا ينتهي ودرب الصليب الذي يأخذه نحو جهنم. لبنان يصلي معنا للخلاص والقيامة، جلاديه وسجانيه، فهو ليس خاتما بأصبع أحد، ولا يرفع أصبع في وجه أهله لأن ربنا فوق الجميع. نصلي ليبقى لبنان جبل القديسين ولتنطلق مسيرة الخلاص مع رئيس يخاف الله ولا يخاف من شياطين الارتهان والفساد. لك يا رب نصلي”.
ورفع رئيس مصلحة الطلاب عبدو عماد نية حزب القوات اللبنانية، قائلا: “يا رب كما استودعت إمك الساجدة تحت رجلي يوحنا الحبيب، نستودع بين إيديك القوات اللبنانية ابنتك الوفية وإم الصبي. القوات اللبنانية التي تقاوم ولا تساوم وتتمسك بثلاثية لبنان والإنسان والايمان، والتي لا تجسد الا لمشيئتك ولا تخضع لقاضٍ مُسَيَّر او لمغرور مِتجبَّر. وكما كنت الى جانب الحكيم في زمن القمع والاعتقال “بتالت طبقة تحت الارض”، نصلي كي تبقي عينيك علينا، في كل مكان وزمان في وجه كل متطاول ومتجنٍ، لينتصر لبنان الجمهورية القوية ووطن الكرامة والحرية”.
اما عن نية الشهداء، فرفعت شقيقة الشهيد غسان بعقليني إدما بعقليني الصلاة، فقالت: “كثر يتسائلون “ليش انتو هيك؟” نقول لهم: “نحنا هيك” لأن وراءنا آلاف الشهداء الذين لم يسقطوا كي يباع استشهادهم بصفقات السياسة وأسواق النِّخاسة.يا رب، شهداؤنا سقطوا على مثالك، لأنهم آمنوا ان الصليب علامة انتصار وليس علامة انكسار، لأنهم لم ينظروا الى الوراء ليسألوا عن حصص وحسابات. في العادة نحتفل في ذكرى الاربعين يوم لراحة نفس من يموت بالجسد، اما اليوم فنحن نحتفل في ذكرى الاربعين سنة للبشير رئيس ال 10452 كلم2 الذي اغتيل بالجسد ولكن روحه باقية معنا في سمائك وسيبقى دائما حيا فينا. إليك يا رب منصلي”.
وتلا دافيد ملاحي شقيق الشهيد رالف ملاحي نية عن عائلات شهداء إنفجار مرفأ بيروت، قال: “منذ من سنتين وشهر بالتمام، هز لبنان والعالم تفجير غدَر بالمئات وأصاب الآلاف ودمّر نصف بيروت، والى اليوم لم تهزّ ذَرِّة ضمير عند البعض من أهل السلطة والممانعة. رافق يا رب كل شهداء تفجير المرفأ والمتألمين، ودع كل متورط ومتواطىء ان يعي بأن جولات الحق وصولات الحقيقة آتية، مهما تلطى وراء قاضٍ اختارالتزلُّم والظلم بدل العدالة، ومهما هدد بجيوش جرارة واستدعاءات باطلة. لك يا رب نصلي”.
وكانت “كشافة الحرية” وضعت اكليلا من الغار تحية لشهداء “المقاومة اللبنانية” ودخل بعدها وفد كبير من الاكليروس، ووقدّمت كوادر من “القوات اللبنانية” البخور والقرابين. وتسلم جعجع مشعل “المقاومة اللبنانية” من الكشافة ووضعه على نصب الشهداء، تأكيدا لاستمرار المقاومة، وتزامنا ضرب عدد من المحازبين التحية للحكيم والشهداء ورُفعت السيوف.
ونظمت القداس لجنة الأنشطة المركزيّة في حزب “القوّات اللبنانيّة” بالتعاون مع شركة “ICE”واخرج مارون ابي راشد. والقيت أغنية من وحي المناسبة للتينور مارك رعيدي ومن كلمات الشاعر نزار فرنسيس. ورُفعت صورة للرئيس الشهيد بشير الجميل مع لائحة كبيرة بأسماء شهداء المقاومة اللبنانية. واحيط المذبح، الذي هو عبارة عن صخرة كبيرة ترمز الى التشبث بالجذور، بكنيسة قديمة من حجر من جهة وقبة كبيرة مع جرس من جهة أخرى، للاشارة الى اهمية عودة الانسان الى كنيسته ليشعر بارتباطه وتواصله مع الشهداء الذين سقطوا من خلال الصلاة.