اعلن وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، في بيان اصدره في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر، ان “أربعة وأربعين عامًا جلس الزمن فيها على مقعد غيابك، محتضنًا حضورك في تفاصيله كلها، وقارئًا بدقّات الثواني حكايةَ ضوئِكَ الذي أرادوا حجبَه فازداد اتّقادًا. وها أنت بعد أربعة عقودٍ ونيّفٍ يمثُلُ أمامكَ التاريخُ كمتَّهمٍ أمامَ قاضٍ، مترافعًا ومدافعًا وطالبًا إعلانَ براءتِه من إثم استبدادهم”.
وقال:”لكنَّ التاريخَ ليس ببريء، فاليوم الذي دَوَّنَتْ مذكِّراتُه أنَّكَ فيه غُيِّبْت، كان ينبغي أن يسقط من روزنامةِ السنين، لا أن يصير ذكرى حزينة نستعيدُها كلَّ عام حتى تعود إلينا بهيًّا كطلَّتِك الأولى، وتنظرَ أبناءَك اللبنانيين، على اختلاف انتماءاتهم، يعيشون حرمانَهم منك، بمرارة حرمانهم القديم الذي انبريت، بالفكر والعزم والقولِ والنضال، لتزيلَه عن كاهلِ حياتِهم”.
واضاف:”شيءٌ واحدٌ جميلٌ جدًّا حصل بغيابك، أننا انتصرنا على عدو الإنسانية وأخرجناه من معظم مساحات أرضنا الجنوبية، وهو الآن يرتعدُ إذا حرَّك النسيم غصنًا من شجرةٍ قرب الحدود، أو ترنَّم راعٍ وهو يسيِّرُ قطيعَه هناك من وادٍ إلى جبل. هذا كله حصل لنا ببركة جهادك والإيمان الذي زرعته في النفوس الحرة الأبية فما زال يتدفق أنفةً وعزةً ومقاومةً ويكتب انتصارًا تلو انتصار. أما الوحدة الوطنية فما نزال على دربِها ماشين. هي الهدفُ الذي عملت له، وتنقلت لأجله بين المساجد والكنائس والخلوات والحسينيات، فكنتَ إمامًا وأسقفًا وشيخَ عقل في آنٍ معًا، وجلت المدن والقرى من أقصى الوطن إلى أدناه عاملًا على اكتشافِ الإنسان، ومناديًا به أنه محورُ الحياة ومقصدُ الأديان والمحرك للتاريخ. هكذا استطعتَ أن تدخلَ إلى عمقِ معنى اللقاء بالآخر من بوابة القيم الدينية التي تتجسَّدُ قيمًا إنسانيةً عليا”.
وختم:” أقول لك: نحن على العهد باقون حتى نراكَ بيننا؟ قليل هذا الكلامُ لمداواة جرح الغياب! لكنْ بلى ستظلُّ بيننا لأنك انتصرت على استبدادهم فصاروا قبورًا وأنت ملء العيون”