المرتضى في افتتاح مهرجان البترون الثقافي: البترون صارت النموذج الحي الذي يُظهرُ بشكلٍ واضح،كيف يمكن أن تكون الثقافة مُنْتَجًا اقتصاديا
شدد وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى على أن “الثقافة بمختلف تجلياتها هي الهوية الحقيقية للبنان، وبها سينهض من كبوته”، مشيرا الى أن “الاقتصاد المعاصر يميل ميزانه في اتجاه اقتصاد المعرفة، وهو ميدان رحب متاح للبنانيين أن يبدعوا فيه، لما يتمتعون به من قدرات ومؤهلات”.
ودعا أبناء الجيل الطالع “الذين هم مستقبل الوطن، الى أن ينصرفوا إلى امتلاك الثقافة الحقيقية التي هي مؤداها الإبداع معا، وأن يبتعدوا عن المناكفات الضيقة والمجادلات العقيمة القائمة على احتكار الحق ورمي الآخر بالضلال، وأن يوسعوا صدورهم وأفكارهم، لفهم هذا الآخر واحترامه واحتضانه ومحبته، وأن يجعلوا حرية التعبير، بالكلمة أو بالصورة أو بغيرهما، وسيلة لبناء التضامن الوطني”.
كلام المرتضى جاء خلال افتتاحه المعرض الفني السنوي batroun art fair الذي نظمته لجنة مهرجانات البترون الدولية في إطار نشاطاتها لصيف 2022 في حضور قائمقام البترون روجيه طوبيا، رئيس اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو المحامي شوقي ساسين، رئيس لجنة مهرجانات البترون الدولية المحامي سايد فياض وأعضاء اللجنة ،الفنان جورج خباز، رئيس مرفأ شكا الكابتن بطرس نافع، وحشد من الفنانين البترونيين وزوار المعرض.
استهل الوزير المرتضى كلمته بتوجيه التهنئة الى “كل من سعى لجعل من البترون قبلة سياحية” وقال: “أعرف البترون منذ عقود بلدة وادعة مزروعة بين الليمون والملح على منبسط ضيق من الأرض، البحر من أمامها والجبل من ورائها. وأعرفها الآن لؤلؤة من لآلئ الساحل اللبناني، بل المتوسطي، في نسيجها الاجتماعي المتماسك، وفي نموها المطرد الذي جعلها وجهة أولى لكل الناس. لذلك أبدأ كلامي بتوجيه التهنئة لجميع العاملين على تحويل هذه المدينة الصغيرة إلى قبلة سياحية، من دون أن أستثني أحدا”.
وأضاف: “الحقيقة أن البترون صارت النموذج الحي الذي يظهر بشكل واضح، كيف يمكن أن تكون الثقافة منتجا اقتصاديا، وأن يستخدم التاريخ في عملية بناء الغد. فإن الآثار المعمارية الرائعة التي يحتويها السوق القديم لم تعد خرائب غير قابلة للاستعمال، بل صارت كما ترون جزءا أساسيا من التنمية الاقتصادية في البترون وتاليا في الوطن”.
وتابع: “شأنها في ذلك شأن هذا المرفأ الذي نحن واقفون أمامه، الذي مر به صيادون وتجار ومحاربون، وانطلقت مراكب منه وعادت إليه، منذ أيام فينيقيا… إلى اليوم، ها هو الآن يستضيف فصلا مهما من فصول الحراك السياحي والثقافي فيجعل الموجة صورة والحجر إطارا لها”.
وأردف: “اود أن أخبركم بأننا أمس استضفنا في المكتبة الوطنية ببيروت، رمز العصامية والنجاح المعرفي، الدكتور طلال أبو غزالة، الذي ألقى كلمة تذكر فيها بؤس طفولته بعدما هجرته العصابات الصهيونية من فلسطين إلى لبنان، وقال من جملة ما قال: إن الحاجة التي كابدها كانت هي الدافع والمحفز له للعمل والمثابرة حتى النجاح. ورأى أن معاناة الشعب اللبناني الحالية ستظهر أحسن ما فيه، وسيخرج منها منتصرا إذا تحلى بالصبر والثبات والثقة بقدراته. هذه حقيقة يؤكدها المهرجان البتروني الصيفي الذي يتجدد عاما بعد عام، ومعرض الفن الذي نفتتحه فيه اليوم، والذي يضم ثلاثة أجنحة من الأعمال الإبداعية المتنوعة، ما يثبت أن إرادة الحياة تتغلب دائما على جميع الصعوبات”.
وتابع: “في هذا الخصوص لا ريب عندي في أن الثقافة بمختلف تجلياتها هي الهوية الحقيقية للبنان، وبها سينهض من كبوته. ذلك أن الاقتصاد المعاصر يميل ميزانه باتجاه اقتصاد المعرفة، وهو ميدان رحب متاح للبنانيين أن يبدعوا فيه، لما يتمتعون به من قدرات ومؤهلات”.
وختم وزير الثقافة كلامه بدعوته أبناء الجيل الطالع “الذين هم مستقبل الوطن، الى أن ينصرفوا إلى امتلاك الثقافة الحقيقية التي هي مؤداها الإبداع معا، وأن يبتعدوا عن المناكفات الضيقة والمجادلات العقيمة القائمة على احتكار الحق ورمي الآخر بالضلال، وأن يوسعوا صدورهم وأفكارهم، لفهم هذا الآخر واحترامه واحتضانه ومحبته، وأن يجعلوا حرية التعبير، بالكلمة أو بالصورة أو بغيرهما، وسيلة لبناء التضامن الوطني، وأن يثقوا بقدراتهم الذاتية ويستفيدوا في الوقت نفسه من المعطيات المعرفية الحديثة… هكذا، بهذه الثقافة الوطنية والحضارية الجامعة ينقذون الوطن”.