استضافت دار طائفة الموحدين الدروز برعاية سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الدكتور سامي أبي المنى “اللقاء التشاوري المنبثق من ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار وشبكة الأمان للسلم الأهلي” حيث تم إطلاق النداء الوطني الذي حمل عنوان: “أولويات الرؤية الوطنية في مواجهة التحديات”
ومما جاء في كلمة سماحة العلامة السيد علي فضل الله خلال اللقاء: إننا نمر في مرحلة عصيبة لم يمر بها هذا الوطن طوال تاريخه والتي باتت تُطاول مصيره وتهدد كيانه ما يتطلب من كل الواعين والمخلصين والحريصين عليه إلى الارتقاء إلى مستوى الأخطار التي يواجهها على الصعيد السياسي والاقتصادي أو الاجتماعي أو المعيشي والعمل بكل جدية ومسؤولية لمواجهتها، وهي مسؤولية نؤكد دائماً أنه لن تستطيع طائفة أو مذهب أو فريق سياسي أو موقع مهما علا شأنه وكبر موقعه أن يقوم بها وحده، بل لا بد من أن تتضافر كل الجهود والقدرات والإمكانات والطاقات لمعالجتها، ولن يكون أحد مهما حصن نفسه بمنأى عن تداعياتها.
وأضاف: إن هذا البلد لا يبنى ولن يبنى بتوزيع الاتهامات ونعوت التخوين وإثارة الهواجس والمخاوف، أو بالرهان على تطور هنا أو حدث هناك يؤدي إلى تغيير موازين القوى فيها لمصلحتهم، أو بالاستقواء بالخارج على الداخل، وهو بالطبع لن يقوم بغلبة طائفة على أخرى أو مذهب على مذهب أو فريق على آخر، بل بالتشارك الحقيقي البناء لمعالجة أزماته وبالحوار الصادق لإزالة أي هواجس قد يستشعرها هذا الفريق أو ذاك.
وتابع: لقد جربنا أيُّها الأحبة الانقسام ودعوات التقسيم والإلغاء وسياسة الإقصاء والعزل ولم تنتج لنا إلا المزيد من الدمار والفتن والمعارك الداخلية التي عانينا ولا نزال نعاني منها، ومن الطبيعي أن نعمل على أن لا نلدغ من حجر مرة أخرى.
وأردف: لن تقوم لهذا الوطن قائمة، إلا إذا انطلقنا من هذه الرؤية، وتوجهنا معاً لمعالجة ما يُجمع اللبنانيون على اعتباره قضيتهم الأولى، وهي تأمين لقمة العيش ورغيف الخبز وحبة الدواء وسرير المستشفى ووسيلة النقل وغير ذلك من الضرورات الأساسية، والعمل على تلبية هذه الحاجات ومنع التأثيرات السلبية لذلك على الوطن التي أخذت إرادته تٌسلب وقراره يُصادر، لا سيما بعد هذا الإمعان المديد في سياسات الفساد والهدر وسوء الإدارة والجشع.
وتابع: إننا لا نزال نرى أن أبواب الأمل ستبقى مفتوحة إن قررنا أن نبدأ العمل بتوفير شروط الاستقرار، ولا استقرار إذا لم يتم الالتزام بآداب الخطاب السياسي، والكف عن أن يكون الدين الجامع أداة للشحن الطائفي غير المسؤول الذي يوتر الأجواء ويعمق الأزمة المعيشية، ويهدد الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، ويكرس حال الفراغ، ويمنح التغطية لكل أولئك الذين يتهربون من مسؤولياتهم في تشكيل حكومة قادرة على مواكبة هذه المرحلة الصعبة، وتأمين الظروف الكفيلة بإنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده، والذي يريده اللبنانيون أن يكون فرصة للتوافق ليكون مدخلاً لانفراجات وطنية وسياسية واجتماعية لا محطة لتجديد الانقسامات والنزاعات.
وهذا الاستقرار لن يكتب له الاستمرار، إذا لم تتم مواجهة الفساد ومحاكمة الفاسدين واستعادة الأموال المنهوبة، وممارسة القضاء لدوره الطبيعي وتحريره من ضغوط السياسيين وغير السياسيين، وضمان حقوق المودعين…
وختم: إن وطننا ليس فقيراً، وانهياره لم يأتِ لقلة موارده، بل بسبب سياسات نحن مدعوون إلى إعادة النظر فيها وإصلاحها، لذا نعود ونؤكد أن الحل الجذري لأزمة هذا البلد يكمن في الإصلاحات التي تحول دون السطو مجدداً على ما يمكن أن نوفره من أموال وموارد والالتزام بها، وفي الإسراع بإنجاز الخطة الاقتصادية التي تولي النشاط الإنتاجي الأولوية. ونحن في الوقت نفسه نشدد على أن لا نغفل عن ضرورة بناء وطن قوي منيع بقواه الذاتية لا يستعيرها من أحد ليواجه كل من يهدد لبنان في وجوده وسيادته وحريته وأمنه وثرواته.. وعلى رأس ذلك العدو الصهيوني الذي لا يزال يرى لبنان نقيضاً له بتنوعه وبحيوية شعبه وبمقدراته وإمكاناته وهو من يهدد اليوم ثروته الغازية والنفطية التي هي واحدة من ضمانات نهوضه من الواقع الذي يعاني منه، حيث لا بد من أن يكون الموقف موحداً في هذه المواجهة.