في تقرير جديد صدر عن المعهد السويدي لعلم اقتصاد الصحة ارتفاع معدل حالات الإصابة بالسرطان في المنطقة إلى الضعف بحلول عام 2040

أفاد تقرير صدر اليوم عن المعهد السويدي لعلم اقتصاد الصحة، المؤسسة البحثية العالمية في مجال الرعاية الصحية، أن حالات الإصابة بمرض السرطان في المنطقة يمكن أن ترتفع بمعدل الضعف تقريباً خلال الفترة بين عامي 2020 و2040، وذلك في حال لم يتم اتخاذ إجراءات فورية للحد من هذا الارتفاع وانتشار المرض.

وكشف تقرير المعهد السويدي، الذي تم إجراؤه بالتعاون مع مجموعة البحوث الدوائية ومصنعي أمريكا “PhRMA” وإصداره بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للسرطان لهذا العام، أن حالات السرطان التي تم تشخيصها حديثاً يمكن أن ترتفع من 410.000 في عام 2020 إلى 720.000 بحلول عام 2040، فضلاً عن وجود عوامل النمو السكاني، والشيخوخة بين أفراد المجتمع، والتغييرات في نمط الحياة، والتي تساهم جميعها في زيادة انتشار المرض وحالات الإصابة به في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بصورة أسرع من أي مكان آخر في العالم.

وقام التقرير من خلال تقييم حالة رعاية مرضى السرطان في تسعة بلدان في الشرق الأوسط وأفريقيا هي الجزائر ومصر والأردن والكويت ولبنان والمغرب والسعودية وجنوب أفريقيا والإمارات، بالبحث في أربعة مجالات رئيسية لمكافحة السرطان تشمل الوقاية، والكشف المبكر، والتشخيص والعلاج، والبقاء على قيد الحياة، إلى جانب العنصر الخامس الشامل والمتمثل في الإدارة الرشيدة للمرض.

وكان من بين نتائج الدراسة أن لبنان لديه “أعلى معدل” للسرطان بين البلدان التسعة، حيث تم التعبير عنه بحالات الإصابة بالسرطان لكل 100000 من السكان. بدءاً من عام 2005، عندما توفرت البيانات لأول مرة، سجل لبنان 200 حالة لكل 100000 في عام 2018، وهو رقم يرتبط بامتلاك لبنان لأكبر عدد من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاماً في البلدان التي شملتها الدراسة، حيث يرتبط السرطان بشكل وثيق بالشيخوخة.

وبالإضافة إلى امتلاك لبنان لأكبر عدد (مع المغرب) من الأشخاص الذين تجاوزوا سن الخمسين من أصل تسعة بلدان في التقرير، فإنه يحتوي أيضاً على نسبة عالية من الشباب مقارنة بالمتوسط العالمي، حيث تبلغ أعمار 44% من سكان لبنان البالغ عددهم ستة ملايين نسمة أقل من 24 عاماً[1]. ويشير مؤلفو التقرير إلى أنه على الرغم من أن السرطان يصيب الأفراد في سن أصغر، إلا أن تسخير الإمكانات الكامنة في الشباب يمثل العامل الرئيسي في الحد من عبء مرض السرطان على الأفراد والأسر والمجتمعات، فضلاً عن الحد من عبئه المالي على الاقتصادات الوطنية.

وبهذه المناسبة، قال توماس هوفمارشر، الخبير الاقتصادي في مجال الصحة في المعهد السويدي لعلم اقتصاد الصحة: “يشهد عدد حالات السرطان التي تم تشخيصها حديثاً تزايداً ملحوظاً في جميع دول الشرق الأوسط وأفريقيا، ويرتبط ذلك جزئياً بالتغيرات الديموغرافية والاتجاهات غير المواتية في عوامل الخطر الرئيسية مثل التدخين والسمنة. وهذا يعني أن السرطان في طريقه لأن يصبح السبب الثاني لعبء المرض في دول الشرق الأوسط وأفريقيا. كان السرطان يمثل السبب الرئيسي الثالث للوفيات في البلدان التسعة التي شملتها الدراسة في عام 2000، وأصبح يحتل المرتبة الثانية للوفيات بعد أمراض القلب والأوعية الدموية في ستة من أصل البلدان التسعة في 2016”.

وأضاف: “ومع ذلك، يمكن أن تكون فئة الشباب في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا هي العامل الرئيسي لتعزيز الجهود لإنشاء منظومة أقوى للعناية بمرضى السرطان. ويمكن أن يسهم الهيكل الديموغرافي العام للمنطقة في بناء اقتصاد قوي، نظراً لوجود نسبة ثابتة في الغالب من السكان في سن العمل خلال العقود القادمة. ويجب الاستفادة من هذه الفرصة الديموغرافية للاستثمار في رعاية مرضى السرطان، حيث يحقق هذا الاستثمار عائدات صحية تسهم في تعزيز الاقتصاد، الأمر الذي سيكون له مردود إيجابي على مجتمع واقتصاد أكثر صحة”.

وتابع: “كانت إحدى النتائج الرئيسية التي أسفر عنها تقرير المعهد السويدي هي عدم المساواة في رعاية مرضى السرطان في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث تعد زيادة الاستثمار في الرعاية الصحية للفرد من العوامل المحددة لمعدلات البقاء على قيد الحياة. ونعتقد بأن البلدان بحاجة لزيادة الاستثمار في مجال رعاية مرضى السرطان، حيث سيثبت ذلك في نهاية الأمر مدى جدواه وفعاليته من الناحية الاقتصادية، فضلاً عن تقليل عبء المرض على كاهل مرضى السرطان وعائلاتهم”.

ولفتت مجموعة البحوث الدوائية ومصنعي أمريكا “PhRMA” المشاركة في الدراسة، الانتباه إلى التفاوتات في الدخل والتعليم وإمكانية الوصول إلى العلاج كعوامل محددة رئيسية لمعدلات البقاء على قيد الحياة، كما سلطت الضوء على أن التمييز على أساس العرق والجنس والعمر والإعاقة ونمط الحياة أثر بشكل فعال على توفير رعاية عالية الجودة لمرضى السرطان. ودعت المنظمة، التي تمثل مجموعة من الشركات المبتكرة في مجال صناعة الأدوية، إلى توفير بيانات دقيقة لصانعي السياسات لاتخاذ القرارات المناسبة، وأكدت على العامل الاقتصادي لزيادة الاستثمار في رعاية مرضى السرطان.

وقال سمير خليل، المدير التنفيذي لمنظمة “PhRMA” في الشرق الأوسط وأفريقيا: “يعد القضاء على أوجه عدم المساواة في رعاية مرضى السرطان أمراً ضرورياً لتحسين نتائج السرطان في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وهو الأمر الذي تلتزم به “PhRMA” وتسعى لتحقيقه. وبالإضافة إلى إنشاء منظومة تراعي المزيد من المساواة وتكافؤ الفرص لرعاية مرضى السرطان، نحن بحاجة إلى التأكد من حصول الحكومات والسلطات الصحية على أحدث وأدق المعلومات السريرية التي يمكن أن تبني عليها سياساتها. ويجب أن تكون قرارات رعاية مرضى السرطان قائمة على الدلائل، مما يستلزم توفير واستخدام البيانات المحلية، وهو ما تسعى “PhRMA” للقيام به من خلال التعاون مع المعهد السويدي لعلم اقتصاد الصحة في إجراء تقارير الرعاية الصحية الهامة مثل هذا التقرير”.

وأضاف: “بالإضافة إلى الواجب الصحي للحد من عبء السرطان، لا ينبغي التقليل من أهمية الضرورة الاقتصادية. وكما رأينا من خلال التكلفة التي تكبدها الاقتصاد بسبب جائحة ’كوفيد-19‘، فإن للسرطان أيضاً تأثيراً اقتصادياً كبيراً. وتمثل الوفاة المبكرة والإجازة المرضية والتقاعد القسري لمرضى السرطان خسارة كبيرة للدولة، لأنهم لولا ذلك لكانوا من المنتجين المساهمين في دفع عجلة الاقتصاد، وكذلك استبعاد مقدمي الرعاية غير الرسميين من القوى العاملة الذين يُضطرون إلى البقاء في المنزل ورعاية أفراد الأسرة المصابين بالسرطان. ونأمل أن يُظهر تقرير المعهد السويدي لصانعي السياسات أن عدم الاستثمار في رعاية مرضى السرطان سيكون له تداعيات واسعة على الاقتصاد”.

ويهدف تقرير المعهد السويدي لعلم اقتصاد الصحة للبلدان التسعة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا إلى دعم حملة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان التي تستمر ثلاث سنوات، والتي يتم إطلاقها هذا العام تحت شعار “سد فجوة الرعاية لمرضى السرطان”. وتبدأ حملة الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان التي تدرك وجود تفاوتات عالمية في رعاية المصابين بالمرض، بالتزامن مع اليوم العالمي للسرطان، وسيكون العام الأول للحملة تحت شعار “إدراك المشكلة”، مؤكدة على أهمية الاعتراف بعدم المساواة في رعاية مرضى السرطان في جميع أنحاء العالم كنقطة انطلاق للتصدي للمرض بشكل كلي وشامل.

يتوفر تقرير “رعاية مرضى السرطان في الشرق الأوسط وأفريقيا” باللغة الإنجليزية، وسيصدر قريباً باللغة الفرنسية.


[1] https://www.gage.odi.org/wp-content/uploads/2020/06/Adolescent-boys-and-youth-in-Lebanon.-A-review-of-the-evidence-.pdf

You May Also Like

More From Author