أشار تحرك لأجل لبنان فقط المنبثق عن تحالف متحدون إلى أن ما يجري حالياً من قطع طرقات في المناطق اللبنانية لا يصنع ثورة هادفة وبنّاءة، لا بل يحرف الثورة عن مسارها المفترض بعد أكثر من سنة ونصف على انطلاقتها. ويؤكد التحرك أنه يؤيد كل تعبير للناس عن أوجاعهم وقهرهم ومآسيهم وإذلالهم بما لم يترك مجال لهم لأدنى سبل العيش الكريم، غير أن المشهد الحالي يبدو أقرب إلى تصفية حسابات سياسية منه إلى استكمال الخطوات الهادفة لثورة تشرين. فليست مشاهد قطع الطرقات وحرق الإطارات بالشكل التي هي عليه ما يصبو إليه اللبنانيون القابع معظمهم في بيوتهم والمنكفئ عن المشاركة في لعبة الشارع لما وصلت إليه من طريق مسدود في تحقيق أي من المطالب الأساسية للثورة، ناهيك عن تحول الشارع إلى مسرح لبث الفرقة بين المتظاهرين والنيل من الممتلكات العامة والخاصة، في مظاهر لا تمت إلى التعبير عن ثورة اللبنانيين المحقّة والحضارية بصلة. فحريّ باللبنانيين أخذ الدروس والعبر مما مر عليهم طوال الفترة الماضية للثورة، حيث تم دفعهم إلى مواجهة شارع لشارع لم تخلُ من أجندات سياسية أو طائفية أو حزبية باتت فاقعة، وما مشهد اليوم، رغم وجع الناس المؤكد، إلا حلقة أخرى من تلك المشاهد، لاسيما أن المواجهة التي تستحضرها هذه المشاهد هي بين المواطنين أنفسهم وما يتكبدونه من ضغوطات ومآسٍ إضافية، في وقت ينعم أركان المنظومة الفاسدة بقصورهم وترفهم وتماديهم في سحق اللبنانيين وهم بأمان بعيدين عن تلك المشاهد، في ظل قضاء فاسد يحميهم ويمنع المحاسبة والملاحقة باسم الشعب اللبناني وعلى حسابه. فلا يجوز الإنجرار وراء حسابات سياسية ليس للشعب بها من طائل، بل الأولى هو التركيز على التخلص من الفساد في القضاء وتحريره من براثن التبعية لمافيا السياسية والمال كي يحكم حقاً باسم الشعب اللبناني، فيكون هذا المدماك الأول الذي من الأولى أن تبدأ به الثورة تحقيق أهدافها وبالأخص مع عدم توقف آلة الفساد عن نهب المواطنين وإفقارهم ولو للحظة واحدة طوال فترة الثورة حتى يومنا هذا.
وعليه ولأنه لا قيامة لأي وطن بلا محاسبة، ولأنه لا حل إلا بقضاء سوي مقتدر على المحاسبة الحقيقية — لا من قرش مسلوب واحد استُرد ولا من مرتكب كبير وراء القضبان حتى الآن — فلتكن وجهة كل لبناني ثائر ومقهور قصر العدل، أو قبر العدل، حيث الحساب الحقيقي يبدأ بالقضاة الفاسدين.