حضرة الرئيس، ناضلتم من أجل الوصول إلى رئاسة الجمهوريّة ونجحتم، أنتم، ولم ينجح معكم الوطن.
وعدّتم بتحرير البلاد مِن الفساد فإذا بالعباد تغرق في بحرٍ مِن الآفات لم نعرف له مثيل، فساد اشمأزَّت مِن تناقله وسائل إعلام الدول والأمم.
وعدّتم أنكم العهد القويّ، فإذا بالشعب اللبنانيّ تخور قواه جوعًا.
حصدتم أوسع تأييدٍ انتخابيٍّ مسيحيٍّ ليكون لكم رصيدًا منيعًا تحمو به لبنان، فإذا بكم تجيّروه مناعة لصالح حماية سلاح إيرانيّ أجنبيّ نافستم به دور سلاح الجيش اللبنانيّ، فأذلّيتم الشرعيّة وقوّضتم كامل مضمونها والمرتَكَزات.
وعدتم اللبنانيّين بالسيادة، فإذا بهم يعيشون في وطنٍ بحدود بحريّة وجويّة وبريّة مشرَّعة سائبة، حيث استقبلتم الكورونا جَوًّا مِن دون أدنى رادعٍ، وسَكتّم على استيراد النيترات بحرًا مِن دون أدنى وازع، وتفرَّجتم على تهريب لقمة عيش اللبنانيّين برًا مِن دون أدنى مانع.
وعدتم اللبنانيّين بحماية التعايش، فإذا بكم تُسَمّون العمالة لصالح تركيا خيانة، والعمالة لصالح إيران شهامة. كما وقبلتم بتعميم تهمة الارتهان للأرهاب الدينيّ الأصوليّ بحقّ الشباب السنيّ الطرابلسيّ للتمكّن مِن زجّه بالسجون، ومن وضع أصوليّة أُخرى، شيعيّة، متهَمَة بالإرهاب دوليًّا، حارسًا على ابواب تلك السجون.
ادّعيتم العلمانيّة والوطنيّة، فإذا بكم تحوّلون لبنان مرتعًا لأصوليّة دينيّة شيعيّة، ورهينة في يد دولة اجنبيّة اسمها إيران.
وقد تقولون انكم لستم مَن جاء بالإصوليّة الشيعيّة إلى لبنان، كونها كانت موجودة منذ العام 1982، زمن ما قبل انتخابكم رئيسًا، وهذا صحيح، وما هو صحيح أيضًا، أنكم جئتم رئيسًا على صهوة جواد دينيّ أصوليّ إيرانيّ ابتلع بكم الوطن مُسكِتًا الصوت والضمير.
ضربتم سلاح المقاومة اللبنانيّة المسيحيّة تحت عنوان الحفاظ على حصريّة السلاح، وإذا بكم تحمون سلاح حزب الله الشيعيّ الأصوليّ حتى مكّنتموه مِن الامساك بمقاليد البلاد ومِن التحكّم برقاب العباد.
لقد وصل لبنان في عهدتكم إلى الإفلاس، والفقر، والجوع، وإلى إغلاق الشركات والمؤسسات أبوابها ورمي اللبنانيّين في الطرقات عاطلين عن العمل، وإلى السماح للسلطة التي ترعون بسرقة أموال المودعين كتأميم مقنَّع يهدف إلى ضرب الاقتصاد الليبراليّ لصالح اقتصاد شيوعيّ بعهدة صينيّة.
لقد سمحتم بتحوّل لبنان سويسرا الشرق إلى لبنان مزبلة الشرق، وإلى جعل الحدّ الأدنى للأجور موازيًا لِما هو عليه الحدّ الأدنى للأجور في أفغانستان.
لم يعد الشعب اللبنانيّ في عهدتكم شعبًا آمنًا، بل شعبًا يعيش في منزلٍ مِن دون تصوينة تحميه ومن دون باب موصَدٍ يأويه، شعبًا يمرّ طحينه خبزه، ومازوته دفؤه، على مرئ العين لصالح تغذية نظامَيّ سوريّة وإيران.
حضرة الرئيس ميشال عون، نقول هذا كلّه، لأنك في موقع المسؤول، وإن لم تعُد في موقع الحاكم بعد أن سلبَت اتفاقيّة الطائف الطائفيّة صلاحيّات الرئاسة الأولى لصالح الرئاسة السنيّة التي باتت بدورها اليوم العوبةً بيد حزب الله وأضحوكة.
حضرة الرئيس، إن استمراركم في عمليّة تغطية حزب الله، على حساب تعرية الوطن، لهو انحدار أوصل البلاد إلى قعرٍ وصَّفتموه بجهنَّم، إنه لانتحارٍ يجب أن يتوقَّف.
حضرة الرئيس، لقد باتت مهامكم محصورة:
• بتغطية تفجيرٍ نوويٍّ قتل قلب الوطن، وذلك لصالح التستّر على حزب الله وسوريّة وإسرائيل.
• بالسكوت عن تحويل الحدود والمطار ومرفأ بيروت إلى مرافئ لتصدير المخدرات، وإلى مرافئ لاستيراد المواد والبضائع الخاصة بحزب الله، بضائع معفيّة مِن الرسوم الجمركيّة أدّت إلى تحقيق منافسة قاتلة أفلست كلّ اقتصاد لبنانيّ غير شيعيّ.
حضرة الرئيس، نقول هذا؛ لأننا نريد لكم استدراك الأمور إن لم يزل ذلك ممكنًا؛ لأننا نريد لكم خاتمة لعهدكم مشرِّفة. إن المرئ المذموم الذي يموت بعد عمرٍ طويل، قد لا يشعر بعد موته لا بالشتيمة ولا بوقعها الأليم، إلّا أن أبناءه، والأحفاد، والمريدين، سيتالَّمون بسببها مِن جيل إلى جيل على مَرِّ الأزمان.
حضرة الرئيس، بادر إلى انقاذ السفينة بما تبقّى منها. لقد قلتم ذات يون إنكم القبطان الذي لا يترك سفينته، فعدتم وتركتموها يوم التحقتم بالسفارة الفرنسيّة، فلا تتركوها تغرق مجدَّدًا فتُميتوننا مرَّتين.
حضرة الرئيس، إننا ندرك تمام الإدراك حجم الإحراج الذي ستتحمَّلونه في تخلّيكم عن حزب الله لصالح استعادة الوطن قيامته، كما ندرك تمامًا كم كان ثمن الوصول إلى الرئاسة بدعمٍ مِن حزب الله باهظًا.
وللسائل عن حجم الثمن الذي أراده حزب الله مقابل دعمه لأيّ مرشَّحٍ مارونيّ يرغب بالوصول إلى سدة الرئاسة نجيب، بأن الثمن كان وسيبقى، كلمة واحدة لا أكثر، "لبنان".
إننا، وفي قبولنا الاستمرار بالانتقال من ثمنٍ رئاسيّ إلى آخر، سينتهي بنا الأمر إلى خسارة لبنان، أي إلى خسارة الرئاسَتَين المسيحيّة والسنيّة، لصالح انتصار حُكمِ ولاية الفقيه الذي سيحوّل لبنان إلى جمهوريّة إسلاميّة أصوليّة تابعة لحُكم الفلك الإيرانيّ الفارسيّ.
حضرة الرئيس، أيُعقَل أنكم بتّم تبايعون "قم" الإيرانيّة على حساب انتمائكم لبكركيّ؟ إن "قم" التي أجمع عليها رجال الدين في إيران على أنها مدينة مقدَّسة لا يمسّها مرض، باتت مدينة موبوءة، تفتك بأبنائها جائحة الكورونا. لذا، عودوا إلى بكركي مرجعيّةً لَكُم لشِفاءٍ وطنيّ شريف، ولا تديرو ظهركم لها فيدير المجتمع المسيحيّ ظهره لكم، وهذا ما ستقرأونه جليًّا في صناديق الاقتراع الوشيك.
فخامة الرئيس العماد ميشال عون، إن كنت صادقًا في رغبتك حماية البلاد والعباد، قلها علانية بأن الفدراليّة هي الحَلّ، وانقذنا جميعًا، مِن مسيحيّين وسنّة وشيعة ودروز وعلويّين.
حماكم الله وحمى لبنان