الاحتفاء باليوم العالمي للإنترنت جسـر بلا حدود يوصلنا بالعالم

بقلم د : خالد السلامي
29-10-2024

في يومنا هذا، حيث يحتفل العالم بـ اليوم العالمي للإنترنت، دعونا نتوقف لحظة لتأمل القوة العجيبة التي أصبحت تربط كل أجزاء حياتنا، تجمع بين الشعوب وتختصر الزمان والمكان. ليس الإنترنت مجرد وسيلة تقنية؛ بل هو أداة تحرير تفتح آفاقًا لا حصر لها للمعرفة، التواصل، والإبداع. في عصر يسير بسرعة الضوء، أصبح الإنترنت المحرك الرئيسي للتطور والتغيير.
عند دخولك إلى العالم الرقمي، تجد نفسك على تقاطع طرق مع ملايين الأفكار، اللغات، والثقافات. إن قدرة الإنترنت على توصيل الجميع ببعضهم البعض قد حولت هذا الكوكب إلى قرية صغيرة بالفعل. تأمل معي كيف يمكن لشخص في اليابان أن يتعلم تقاليد شعب في الأمازون، أو كيف يمكن لطالب في أفريقيا أن يتلقى تعليمه من أفضل الجامعات حول العالم. كل ذلك يحدث من خلال تلك الشبكة السحرية التي تربط بين الأجهزة والقلوب.
الإنترنت.. نافذة الإبداع والفرص
إذا نظرنا إلى الماضي، نجد أن المعلومات كانت محصورة في كتب ومكتبات، وربما بين أيدي عدد قليل من المتخصصين. أما اليوم، فقد تحطمت تلك الحواجز. بفضل الإنترنت، أصبح كل فرد قادرًا على الإبداع، سواء كنت كاتبًا أو رسامًا أو مبتكرًا تقنيًا. المنصات الإلكترونية أصبحت منابرًا للأفكار الحرة، حيث يمكن لكل شخص أن يشارك تجربته، أن يلهم غيره، وأن يساهم في بناء عالم أفضل.
الإنترنت ليس فقط وسيلة لاستهلاك المحتوى، بل هو منصة ضخمة لخلق الفرص. من تطوير الأعمال التجارية إلى تمكين الأفراد عبر التعليم الإلكتروني، نجد أنه قد فتح آفاقًا جديدة في كافة المجالات. لم يعد النجاح مرهونًا بالمكان الجغرافي أو الإمكانيات المادية، بل أصبح مرهونًا بالإرادة والشغف.
كيف يمكننا استخدام الإنترنت لبناء مستقبل أفضل؟
مع كل هذه القوة التي يمنحها لنا الإنترنت، يأتي التحدي. علينا أن نكون واعين لكيفية استخدام هذه الأداة الفعالة بشكل إيجابي. يمكننا استغلال الإنترنت لنشر المعرفة، تعزيز الحوار البناء، ودفع عجلة الابتكار. لكن الأهم من ذلك، يجب أن نستخدمه لبناء جسور التفاهم بين الشعوب والثقافات.
الإنترنت، إلى جانب كونه أداة تقنية ثورية، يضطلع بدور إنساني كبير ومؤثر. لقد غيّر الطريقة التي يتفاعل بها الناس مع بعضهم البعض، وأصبح أداة لتمكين الأفراد والمجتمعات على مستوى غير مسبوق. في الجانب الإنساني، يلعب الإنترنت دورًا جوهريًا في عدة مجالات، نلقي الضوء على بعض منها:
1. الجمع بين الناس وتخطي الحواجز
الإنترنت يوفر وسيلة للتواصل بين الأفراد من مختلف البلدان والثقافات، ما يمكّنهم من بناء علاقات وتبادل الأفكار والمعرفة دون اعتبار للمسافات أو الفروق الجغرافية. إنه مكان يلتقي فيه الناس على منصات التواصل الاجتماعي، يتبادلون القصص الإنسانية، ويخلقون فرصًا للتعاون على مستوى عالمي.
2. دعم القضايا الإنسانية والمبادرات الخيرية
مع الإنترنت، أصبح بإمكان الأفراد والمنظمات الخيرية نشر قضاياهم بسرعة والوصول إلى جمهور واسع حول العالم. منظمات الإغاثة تستخدم الإنترنت لجمع التبرعات، نشر الوعي، وتحفيز المجتمعات على العمل الجماعي لمواجهة الأزمات الإنسانية. الحملات الإلكترونية مثل التبرعات لمساعدة اللاجئين أو مكافحة الأمراض توفر وسيلة سهلة للمشاركة في حل المشكلات العالمية.
3. التعليم ورفع الوعي
أحد أكثر جوانب الإنترنت الإنسانية تأثيرًا هو دوره في توفير التعليم المجاني والمفتوح للجميع. من خلال منصات التعليم الإلكتروني، أصبح بإمكان الأشخاص في المناطق النائية أو الفقيرة الوصول إلى تعليم عالي الجودة، مما يمكّنهم من تحسين حياتهم ومجتمعاتهم. الإنترنت يساهم في نشر المعرفة ويساعد على تحسين الظروف الاجتماعية من خلال تمكين الناس بالمهارات التي يحتاجون إليها.
4. التعاطف العالمي والتضامن
عند وقوع الكوارث الطبيعية أو الأزمات الإنسانية، يُظهر الإنترنت قوة التعاطف العالمي. مشاركة القصص الإنسانية عبر الإنترنت تولد موجات من التضامن والمساعدات، سواء من خلال تقديم التبرعات أو الدعم النفسي والاجتماعي. الإنترنت يوفر منصة لتمكين الأفراد من مساعدة بعضهم البعض في أوقات الشدة.
5. تمكين الفئات المهمشة
بفضل الإنترنت، تمكنت الفئات التي كانت في السابق مغيّبة عن المشهد العام من رفع أصواتها. الإنترنت يقدم لهم فرصة للتعبير عن آرائهم والمشاركة في الحوارات العامة، مما يعزز من حقوق الإنسان والديمقراطية. كذلك، توفر منصات الإنترنت مجتمعات دعم للأفراد الذين يواجهون تحديات صحية أو نفسية، حيث يجدون فيها الدعم والمشورة.
6. تعزيز السلام والحوار
في عالم مليء بالصراعات، يمكن أن يلعب الإنترنت دورًا في تعزيز السلام من خلال تقديم منصات للحوار بين الثقافات المختلفة. الإنترنت يسهل التفاهم المتبادل ويساعد على تقليل التوترات من خلال إتاحة الفرصة للناس للتواصل على أساس إنساني بدلًا من التركيز على الخلافات.
7. العمل عن بُعد ومرونة الحياة
إحدى التغييرات الإيجابية الأخرى التي جلبها الإنترنت هي تمكين الناس من العمل عن بُعد. هذا ساهم في تحسين جودة الحياة للكثير من الأشخاص، خاصة ذوي الإعاقات أو أولئك الذين يعيشون في مناطق نائية. الإنترنت يتيح لهم فرص عمل وتواصل لم تكن متاحة لهم في السابق.
الإنترنت هو الفضاء الذي يجمع بين التنوع والاختلافات، ويجب علينا أن نقدر هذا التنوع ونستخدمه لتعزيز التواصل الإنساني. إنه دعوة مفتوحة للفضول والتعلم المستمر، لتوسيع مداركنا وتحقيق أقصى إمكانياتنا.
في النهاية، يمكننا القول بأن الإنترنت قد غير العالم إلى الأبد. واليوم، ونحن نحتفل بهذه المناسبة العالمية، دعونا نعيد التفكير في كيفية استخدامنا له. دعونا نستخدم هذه القوة الخارقة لبناء عالم أكثر عدلاً، وأكثر اتصالاً، وأكثر تفهمًا لبعضنا البعض. الإنترنت ليس مجرد شبكة من الأجهزة المترابطة، بل هو أداة تعكس الجانب الإنساني في أعمق صوره، مما يربط الأفراد بعضهم ببعض، ويمكّنهم من خلق تأثير إيجابي في حياتهم وحياة الآخرين. لنجعل الإنترنت جسرًا نحو المستقبل المشرق
المستشار الدكتور خالد السلامي – سفير السلام والنوايا الحسنة وسفير التنمية ورئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة ورئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي في فرسان السلام وعضو مجلس التطوع الدولي وأفضل القادة الاجتماعيين في العالم لسنة 2021 وحاصل على جائزة الشخصيه المؤثره لعام 2023 فئة دعم أصحاب الهمم وحاصل على افضل الشخصيات تأثيرا في الوطن العربي 2023 وعضو اتحاد الوطن العربي الدولي. عضو الامانه العامه للمركز العربي الأوربي لحقوق الإنسان والتعاون الدولي.

You May Also Like

More From Author

جددت الحشود المليونية بالعاصمة صنعاء في مسيرة “مع غزة ولبنان.. جاهزون لأي تصعيد أمريكي صهيوني”، اليوم، التأكيد على مناصرة الشعبين الفلسطيني واللبناني ومواجهة أي تصعيد للعدو الأمريكي والصهيوني والبريطاني. وأعلنت الحشود في المسيرة، التي شارك فيها محافظي المحافظات الجنوبية والشرقية اللواء الركن عوض محمد بن فريد العولقي محافظ محافظة شبوة واللواء القعطبي علي حسين الفرجي محافظ المهرة واللواء لقمان باراس محافظ حضرموت وقيادات السلطات المحلية والمكاتب التنفيذية ومشائخ واعيان وأبناء المحافظات الجنوبية والشرقية الى جانب اخوانهم من كل محافظات الجمهورية اليمنية جهوزيتها العالية والاستعداد لخوض معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس” اسناداً ودعماً للمقاومة الفلسطينية واللبنانية وردع العدو الصهيوني المجرم. وأكدت صلابة موقف الشعب اليمني وقيادته الحكيمة في نصرة غزة ولبنان ومساندة محور المقاومة بكل الوسائل مهما كانت التحديات، ومواجهة أي تصعيد لقوى العدوان والاستكبار العالمي أمريكا وإسرائيل وبريطانيا. ووجهت الحشود المليونية بميدان السبعين في عاصمة الصمود صنعاء، رسالة قوية وواضحة للعالم أجمع، بأن يمن الإيمان والحكمة ماض قدماً وبثبات ومعنويات عالية وجهادية لنصرة القضية الفلسطينية والمقاومة في غزة ولبنان حتى دحر العدو الصهيوني الغاصب. وعبرت عن الفخر والاعتزاز بالعمليات العسكرية النوعية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية والمستوى الكبير الذي وصلت إليه في تطوير القدرات والصناعات العسكرية في القوة الصاروخية والبحرية وسلاح الجو المسير. وجددت الحشود، التأكيد على الاستمرار في التعبئة العامة والتحشيد للدورات العسكرية المفتوحة “طوفان الأقصى” لرفع الجاهزية استجابة لتوجيهات قائد الثورة لمواكبة متطلبات المرحلة الخامسة من التصعيد. وأوضح بيان صادر عن المسيرة، تلاه النائب الأول لرئيس الوزراء العلامة محمد مفتاح، أن نزيف الدم الفلسطيني في قطاع غزة ما يزال مستمراً بلا توقف للشهر الثالث عشر على التوالي، وما يزال العدو الصهيوني مستمراً في إجرامه ووحشيته وإبادته الجماعية باستهداف كل مظاهر الحياة خصوصاً في شمال غزة، بل وما زال يتمدد ويتوسع إلى الضفة الغربية ولبنان. وأشار إلى أنه وأمام ذلك كله ما زالت مسؤولية أبناء يمن الإيمان والحكمة والجهاد وأبناء الأمة العربية والإسلامية وكل أحرار العالم، قائمة ولم تسقط. وأكد البيان، أن أبناء الشعب اليمني لا يزال على العهد والوعد حاضرين في الساحات والميادين بلا كلل ولا ملل، مع غزة ولبنان حتى النصر، جاهزين لأي تصعيد أمريكي صهيوني، متوكلين على الله، واثقين بوعده الصادق الذي لا يخلف الميعاد، ومستمرين في خروجهم الأسبوعي في مسيرات مليونية. وأشاد بالعمليات العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية التي لا زالت صامدة وتُلحق بالعدو الصهيوني خسائر فادحة منذ أكثر من عام. وبارك البيان عمليات حزب الله المنكلة والموجعة بالعدو الصيهوني، والتي أفشلت مخططاته الإجرامية وهجماته الظالمة ضد لبنان بكل ثباتٍ وقوة.. مباركاً العمليات المتصاعدة والمؤثرة للمقاومة الإسلامية في العراق. وأشاد بعمليات الدهس الاستشهادية البطولية في فلسطين المحتلة التي زلزلت بنيان العدو الصهيوني الداخلي، وكذا استمرار القوات المسلحة اليمنية في عملياتها العظيمة والمباركة دون تراجع أو توقف. كما بارك للإخوة في حزب الله اختيار سماحة الشيخ المجاهد نعيم قاسم أميناً عاماً لحزب الله، خلفاً لشهيد الإسلام والإنسانية المجاهد الكبير السيد حسن نصرالله.. سائلاً الله له التوفيق في مواصلة مسيرة الجهاد والمقاومة في هذه المرحلة الحساسة والاستثنائية في تاريخ الأمة. وأكد مجدداً الوقوف إلى جانبه وإلى جانب الإخوة المجاهدين في حزب الله والشعب اللبناني، وكذا الإخوة المجاهدين من فصائل المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني بكل ما نستطيع في مواجهة العدو الإسرائيلي، والمشروع الصهيوني في المنطقة حتى النصر بإذن الله. كما أكد البيان، على الموقف الثابت الإيماني والمبدئي الذي فشل الأعداء على مدى أكثر من عام من إيقافه أو التأثير عليه بكل عدوانهم ومؤامرتهم وتحالفاتهم. وأشار إلى أن اليمنيين جاهزون لأي تصعيد أو مؤامرات جديدة تستهدف هذا الموقف العظيم والتاريخي، ولن يتراجعوا عنه مهما كانت الأثمان والمخاطر. وخاطب البيان، المتشدقين بالسلام، والمعولين على مجلس الأمن والأمم المتحدة والمؤسسات الدولية بالقول ” إن من عجز عن حماية الأونروا في فلسطين، واليونيفيل في لبنان، وغيرهما من الجهات التابعة للأمم المتحدة ومجلس الأمن وأنشئت بقرارات منهم، هو أعجز من أن يحميكم ويحمي الشعوب، فلا عزة ولا منعة ولا حماية إلا بالجهاد في سبيل الله والتوكل عليه وامتلاك أسباب القوة”. تخللت المسيرة قصيدة للشاعر معاذ الجنيد بعنوان “طوفان السنوار” أشادت بالموقف الأسطوري للقائد الشهيد يحيى السنوار، الذي أذل ونكل بالعدو الصهيوني وكشف للعالم أن هذا الكيان أوهن من بيت العنكبوت، ليصبح السنوار أيقونة لأبناء الأمة وأحرار العالم في مناهضة قوى العدوان والاستكبار الذين عاثوا في الارض فسادا

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *