بيان صادر عن حملة «الشط لكل الناس»، تعقيباً على موقف موازنة 2022 من التعديات على الأملاك البحرية

مرّة جديدة، تؤكّد السلطة أنّها لا تنظر لأملاكها البحرية كحقٍّ عام، ولا كملكٍ عام لجميع المقيمين، بل مجرّد مصدر لجمع فتات الأموال في زمن الانهيار وكمساحة متروكة أمام جشع المستثمرين وأصحاب المنتجعات.

فقد صدرت موازنة عام 2022، وفيها، بين جملة مشاكلها، تجديد الدولة لمنطق تشريع التعديات عبر ضرائب تُفرض على أصحاب التعديات، لا تساوي شيئاً نسبةً لأرباحهم الطائلة، كما أنّها لا يتم تحصيلها من قبل الدولة.

يبدو إيجابياً، للوهلة الأولى، إسقاط المادة 81 التي تمدّد مهلة استفادة المتعدّين من قانون 2017 الذي يحاول قوننة وجودهم بشكل غير مباشر، لكنّ إيجابية هذه الخطوة لا تتمّ إلّا عبر التحرّك الفعلي لإزالة التعديات، لا الكلام الشفهي فحسب.

وقد سبق لوزير الأشغال علي حمية أن صرّح، وهدّد، بأنّ وزارته ستقوم بختم مواقع أولئك الذين لن يدفعوا غراماتهم، علماً أنّ مسألة إزالة التعديات لا تتعلّق بدفع الغرامات، بل بمبدأ كونها من الأساس تعدٍّ على ملكٍ عام، تُخالف القانون والدستور والاتفاقات الدولية.

ذلك أنّ القانون 1925 الصادر عن المفوّض السامي، والذي ما زال نافذا حتى يومنا هذا، يُحدّد أنّ الأملاك العامة البحرية «لا تُباع ولا تُشترى ولا تُكتسب ملكيتها مع مرور الزمن»، ولا يحق لأحد أن يستثمرها، بما أنّ ملكيتها عمومية. كما يجعل من وزارة الأشغال وصية على هذه الأملاك، ولها أن تُعطي حقّ الإشغال فقط، لا الاستثمار، وبشكلٍ مؤقّت.

لكن كل ما نراه من تعديات اليوم ليس «إشغالاً»، وليس مؤقّتاً، بل هو دائم دوام الإسمنت والجشع، وهو بالتالي يخالف روحية القانون، فهو إذاً مُخالف، ووَجِبَ إزالة التعدّي وتغريم صاحبها وصولاً إلى حبسه بحسب قانون العقوبات.

وفي حين بدأت التعديات في فترة الحرب بقوّة الميليشيا، قونَنَت الدولة هذه التعديات ما بعد الحرب، بموجب مراسيم تُخالف القانون الأساسي، وقد أعادت في موازنة 2022 قونَنة هذه التعديات بالمنطق نفسه.

تعوّل الدولة على فُتات الأموال الذي قد تجمعه من ضرائبها على التعديات، عوضاً عن سدّ أبواب الهدر الفعلية. وإذ ترى أنّ هذه التعديات «مربحة»، فهي تتجاهل الخسائر الجسيمة الناتجة عنها، لناحية تدمير الثروة البيئية وتهديدها، وتغيير معالِم وأركيولوجيا الشاطئ وتفتيت وحدته، والأهم، حرمان الناس من حقّهم في الوصول الحر والسهل إلى الملك العام على الشاطئ، وهي مسائل لا تُقدّر بثمن.

 

ولا بد من الإشارة إلى مغالطة أساسية قد تُوظَّف في خدمة الحفاظ على التعديات بذريعة أنّها تنعش الاقتصاد. فقد سبق لدراسةٍ أعدّتها جمعية «نحن» أن كشفت أنّ هذه التعديات لا تنعش الاقتصاد بشكلٍ عام، بل تُنعش جيوب قلّة قليلة من المستثمرين، على حساب انعاش اقتصاد المدن الساحلية وأهاليها. لا تنعش خصخصة الشاطئ إلّا جيوباً خاصة، فيما يُنعش الشاطئ العام اقتصاد المدن، ويُنعش أيضاً تاريخها وحاضرها ونسيجها المُدُني والاجتماعي.

 

بناءً على كل ما ذُكر، فإنّنا في حملة «الشط لكل الناس»، نشدّد على ضرورة إزالة التعديات عن الشاطئ، لا سيّما تعديات كبار المستثمرين والمنتجعات التي تشكّل أكثر من 70٪ من مجمل التعديات. ونطالب كل من المدعي العام التمييزي ووزارة الأشغال ووزارة الداخلية بالقيام بواجباتهم وازالة هذه التعديات، كما نُطالب بإصدار قانون يمنع أي استثمار جديد على البحر، تأكيداً للقانون 1925. وليتفضّل وزير الأشغال إلى تطبيق ما أعلن عنه لناحية إزالة كل تعدٍّ لا يدفع ما يستوجب عليه، بل أيضاً، ليتفضّل وليزِل كل التعدّيات إن كان حريصاً بالفعل على تطبيق القانون كما أعلن مرارا وتكرارا.

You May Also Like

More From Author